في الوقت الذي تبث القناة الثقافة السعودية حاليا برنامج "الحج في ذاكرتهم" الذي يستضيف عددا من المثقفين والمهتمين بشؤون الحج والعاملين بمهنة "الطوافة" في مكة المكرمة والمدينة المنورة، توقف مثقفون وإعلاميون عند سؤال "هل نجحت السعودية في تقديم الحج تلفزيونيا، عبر الصورة؟". الإعلامي والمخرج التلفزيوني فطيس بقنة التقط السؤال، وقال بحرقة لـ"الوطن": للأسف لا. لقد تكلمنا كثيرا، وطالبنا بإنتاج أعمال نوعية تقدم الحج بما يليق به، عبر عدة ألوان وفنون تلفزيونية تمثل الوثائقي والدرامي والقصص الخبرية، لكن لا استجابة، فرغم تقدم الخطاب الإعلامي في السنوات الأخيرة، ورغم إنشاء هيئة الإذاعة والتلفزيون، إلا أن ذات العقلية القديمة التقليدية ما زالت هي المهيمنة، وعدم الاحترافية يسيطر على مجمل الإنتاج.

مطالب نوعية

وأضاف بقنة الذي سبق له العمل مع التلفزيون السعودي وأخرج عدة مهرجانات في مقدمتها مهرجان الجنادرية: مقارنة بكأس العالم مع الفارق، طبعا، تجد أن الصغير والكبير يهتم به من خلال الصورة، لكننا في بلدنا ما زلنا غير قادرين على نقل الصورة الحقيقية للحج بشكل مشوق وجذاب، انظر مثلا إلى النقل التلفزيوني في كل عام لمناسك الحج، تجده معتمدا على صورة عمومية تقدم الكثافة البشرية، دون أن تنجح في نقل الخدمة المقدمة لهذه الكثافة بشكل مهني احترافي راق، فعناصر النقل الميداني ومفردات الاحتراف غائبة إلى حد كبير.

غياب المبدع

ولا يختلف رأي الكاتب الروائي أحمد الدويحي عن وجهة نظر بقنة، حيث يقول: تمنيت لو أن التلفزيون السعودي وقد فاق عمره الخمسين عاما، أنتج أفلاما وثائقية احترافية وأعمالا درامية تقدم شعيرة الحج بصورة تلفت الانتباه، ولكن يبدو أن ذلك راجع إلى غياب عقلية المبدع وسطوة ذهنية الموظف على أداء العمل التلفزيوني محليا، وهذا يعود لغياب الكفاءات المؤهلة مهنيا، ما أدى إلى استمرار هذه الصورة الباهتة للإنتاج التلفزيوني المحلي فيما يتعلق بموسم الحج، هذا الموسم الذي ينطوي على بعد ثقافي هائل، للأسف لم ننجح حتى الآن في استثماره بصريا.


أضواء الحج القديم

إلى ذلك يسلط برنامج "الحج في ذاكرتهم" الذي يقدمه وائل رفيق الأضواء على تفاصيل الحج القديم والخطوات التي كان يتبعها الحجاج، بدءا من مغادرة بلادهم حتى وصولهم إلى الأراضي المقدسة، والصعاب التي تواجههم، كما يروي عدد من المعمرين حكايات عن الحج قبل 50 عاما، مستعرضا الذكريات القديمة لأهالي المدينة المنورة ومكة المكرمة ومواقفهم مع ضيوف الرحمن وكيف كانوا يتعاملون معهم والخدمات التي كانت تقدم لهم من معيشة وسقيا وتنقلات، اتصالا بالتحولات والتطورات التي طرأت على خدمات الحج، وذلك عبر أحاديث سجلت مع شخصيات ذات علاقة بأعمال الحج، منهم الكاتب الروائي فؤاد عنقاوي الذي عمل في الطوافة سنوات طويلة، وأصدر عدة كتب في هذا الاتجاه تتعلق بتاريخ وطبيعة مهنة الطوافة، إضافة إلى أسماء أخرى، منها عبدالله بن عبدالإله خطيري وحسن بن حامد بكري ومالك جبلاوي ومحمد بن أسعد التونسي.