هنا وبالقرب من مدينة سياحية، كانت هذه العبارة "وضعك للمخلفات في الأماكن المخصصة لها.. دليل وعيك"، صحيح أن العبارة كانت واضحة للغاية وفي مكان بارز عند مدخل المتنزه الكبير، إلا أنه برغم محاولاتي الجادة في البحث عن مكان مخصص لرمي المخلفات قد فشلت في ذلك فشلا ذريعا، بل إن مما وجدته هناك علبة مشروبات غازية تنتمي للعقد السابق، وهو الأمر الذي يعطي فكرة واضحة عن آخر جولات النظافة في ذلك المكان!

وبالتالي فإن النتيجة الحتمية والمنتظرة لمثل ذلك الوضع هي أن يتحول ذلك المكان إلى "مرمى للنفايات" بعد أن كان في الأمس متنزها وطنيا! ليت من كتب تلك العبارة كتب بجانبها على الأقل عبارة أخرى من نوع "نأمل من الزوار والمتنزهين الكرام إحضار المكان المخصص لرمي المخلفات معهم"!

لست هنا لتبرئة الأفراد من مثل هذه السلوكيات غير أنني أظن أن من واجب أمانات المدن مساعدة العقلاء من المتنزهين؛ لجعل المكان نظيفا وصالحا للاستخدام، أما "غير العقلاء" من المتنزهين فإن لوحة توعوية بحجم المتنزه ذاته لن تكفي لردعهم عن ممارسة هواياتهم المفضلة في جعل المكان غير صالح للاستهلاك الآدمي! انظروا جيدا إلى بعض مدننا السياحية التي لا تبعد فيها سلة المهملات عن أختها أكثر من 30 مترا في "الكورنيش" هناك، ومع ذلك فإن الجلوس في الأماكن الضيقة "المباحة للمواطنين" حول البحر يعد نوعا من المجازفة على الصعيدين الصحي والأمني. فرائحة المخلفات التي تزاحم السائحين تكفي لجعل الجهاز التنفسي للسائح في حالة استنفار دائمة، أما الفئران والقطط والغربان التي وجدت المكان المناسب والظروف الجيدة للحياة السعيدة هناك، فإن حجمها المهول يدل بوضوح على حجم الترف والدلال اللذين تنعم بهما، يكفي جدا لجعل زيارتك للكورنيش هناك هو آخر خياراتك السياحية!

دعوني أنقلكم إلى مدينة "الجبيل الصناعية" التي تتمتع بمتنزهات جميلة ذات تنسيق حديث؛ ولأن الزوار هناك ككل زوار المتنزهات من الصنفين السابقين فقد كتبت هذه العبارة عند مدخل أحد متنزهاتها "المحافظة على المكان دليل على وعيك"، ويبدو أن العبارة السابقة مخصصة للسائح المحترم! أما السائح غير المحترم فقد أردفوا له عبارة أخرى تحت العبارة السابقة كانت بالنص التالي "تفرض غرامة بمبلغ 500 ريال لكل من يترك مخلفاته على الأرض"، وهكذا فإنني أظنهم وجدوا الطريقة الصحيحة لجعل المكان نظيفا.