"دعواتك أختي حليمة أحس نفسي أدور في حلقة مفرغة .. لماذا ؟! فقط لأني أطالب بحق شرعي كفله لي ربي وديني! "

هذه رسالة الطبيبة الجرّاحة الحاصلة على الزمالة الكندية والبريطانية وجهتها لي بكل ما فيها من ألم وبكاء منذ أيام؛ إنها الطبيبة التي أوجعت قلبي حكايتها منذ أن عرفتُ بها من أربع سنوات؛ وكتبتُ عنها هنا مرارا وتكرارا ولا حياة لمن تنادي ؟! إنها من يعضلها والدها ويمنعها من الزواج بحجج قبلية طمعا في راتبها حتى وصل عمرها لـ 42 سنة؛ إنها الطبيبة السعودية التي يوجه لها قاضي محكمة المدينة المنورة تهمة العقوق لوالدها! ويطالب برجوعها إلى من ضربها وحبسها في دورة مياه حتى كادت تفقد حياتها! لماذا ؟! لأنها تطالبه بتزويجها منذ عشر سنوات لحجج واهية طمعا في راتبها؛ وحين أصرت على الزواج ممن تقدم لها منذ خمس سنوات؛ تعرضت للضرب بمواد صلبة كادت تُودي بحياتها؛ لولا أنه تم إخراجها من بيت أسرتها بفضل شرطة المدينة وجمعية حقوق الإنسان والشؤون الاجتماعية إلى المستشفى مكسرة العظام ومتورمة اللحم؛ ومنها إلى دار الحماية الاجتماعية التي أوصت بها إمارة المدينة المنورة خوفا على حياتها من أسرتها؛ وهي فيها منذ خمس سنوات إلى اليوم! تقضي وقتها بعيدا عن تخصصها الجراحي وتدور في فراغ الوقت الضائع بين جلسات المحكمة المؤجلة ومن قضية لأخرى لخمس سنوات؛ فقط لأنها تريد أن تعيش مع زوج صالح وتصبح أما!

يا الله؛ كم ظلموا هذا الدين العظيم من تذرعوا به في حجج واهية تنقبت بعادات قبلية وأعراف اجتماعية جاهلية! أيعقل هذا ؟! رغم ثبوت القرائن والأدلة على وقوع الظلم على الطبيبة السعودية التي وصل عمرها 42 سنة وتعرضت للعنف الأسري كل ذلك ويعتبرها قاضي محكمة المدينة عاقة؛ لأنها تصر على طلب تزويجها! أي فرص تنتظرها هذه الطبيبة بعد حكمه هذا ؟! أي شريعة هذه في الأرض أو في السماء تُحرم المرأة من الزواج؟! أي حال هذا الذي وصلت له المرأة السعودية في مجتمع جعلها اجتهاد بعض القضاة ممن نسوا قول الرسول عليه السلام "قاضيان في النار وقاض في الجنة" تسكن في ظلام دامس باسم الدين الذي هو من اجتهادهم براء ؟! ألهذه الدرجة وصلنا! إن طالبت المرأة بحقها في الزواج تعتبر عاقة لوالدها العاضل لها! وإن هربت ولجأت للحرام اعتبرها "فاسقة" تجلد وتفضح وتُسجن!

ولكن الأمل معقود بالله تعالى وبهيئة محكمة التمييز الآن؛ لإنهاء معاناة هذه المسكينة التي اقتربت من سن توقف الحيض يأسا ووقتها يضيع وسنواتها تهدر بين جلسات مؤجلة وأخرى ترجعها أحكامها للوراء؛ بعد إصرار قاضي المدينة على حكمه بصرف النظر عن نزع الولاية لتزويجها واتهامها بالعقوق ومطالبته لها بالرجوع لمن كاد يقتلها ضربا؟! وكلي ثقة بمجهود ورسالة المحامي النبيل أحمد السديري الذي تبرع بوقته وجهده لوجه الله كي يرفع الظلم عن أختنا الطبيبة ويرجع لها حقها في الحياة! وأخيرا؛ أقول لأختي الطبيبة جميعنا معك والله حسيبك وناصرك ولو اجتمع الخلق على ظلمك؛ وحسبي الله ونعم الوكيل .