يعاني الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، من تسارع الجهود الرامية إلى اعتقاله وتقديمه لمحاكمة عادلة ينال فيها جزاء ما اقترفه من جرائم بحق شعبه.

 فالرجل المختبئ الذي لا يجرؤ على الظهور العلني، بعد أن كان ذات يوم رئيسا للدولة تحيط به الحراسة الرسمية ويتنقل حيثما أراد، لم يعد يملك حليفا أو صديقا يرضى بإيوائه أو توفير ملاذ آمن له، بسبب الإجماع الدولي على أن حل مشكلة اليمن تقتضي بالضرورة وضع نهاية للكابوس الذي جثم على صدور أبناء شعبه لعقود عدة.

كما أن قرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة التي جرَّمت المخلوع، وحملته مسؤولية ما يجري في بلاده، واتهمته كذلك بنهب عشرات المليارات من الدولارات، تقف حائلا أمام محاولة أي دولة توفير الحماية له، إذ تلاحقه قضايا جنائية لا يملك أحد الحق في إسقاطها، ولو تقادمت الأيام، لأنها حقوق خاصة.

شهوة السلطة

ورغم محاولات المخلوع للتظاهر بالصمود، والحديث في خطاباته السياسية عن رفضه الخروج من اليمن، وتصميمه على البقاء داخل البلاد، إلا أن أخبارا موثوقة تؤكد أن أعوانه يترددون على الدول المجاورة، ودول كبرى، لإيجاد صيغة تمكنه من الخروج، وتحصنه من المحاكمة، وهو ما بات مستحيلا الحصول عليه، لا سيما بعد كل ما جرى في اليمن من أحداث ومآس، وبعد العدد الكبير من القتلى الذين سقطوا بنيران التمرد الحوثي الذي يدعمه، والحرس الجمهوري الذي ما زال مسيطرا على مفاصل القرار العسكري داخله.

ولأن الرجل يفتقر إلى أي ذكاء سياسي، ولا يملك القدرة على ترجيح المصالح، فقد رفض ما وفرته له المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية من خروج آمن من السلطة، وحصانة قضائية تجعله بمنأى عن كل مساءلة أو محاسبة، وحاول العودة مرة أخرى إلى كرسي الحكم الذي فتن به، وأصر على العودة إلى القصر الجمهوري، ولو على حساب جماجم اليمنيين ومستقبلهم، وأثبتت الأيام عدم تمتعه بالحكمة، إذ بات اليوم يلهث وراء ما رفضه بالأمس، وأصبح كل همه الحصول على مكان آمن في أي مكان بالعالم.

نقض العهود

ويشدد اليمنيون على عدم إتاحة الفرصة للمخلوع كي ينجو هذه المرة أيضا، مؤكدين أن مشكلات اليمن لن تعرف طريقها للانتهاء مع وجوده، مشيرين إلى أن صالح لم يعرف الوفاء بالعهود التي كثيرا ما قطعها على نفسه، واعتاد الانقلاب عليها سريعا كلما واتته الفرصة، بغية التمسك بالسلطة.

فقد تعهد عام 2006 بعدم الترشح مرة أخرى لمنصب الرئاسة، إلا أنه نكث بوعوده وعاد وترشح للمنصب الذي احتكره لمدة 34 عاما، لم ير فيها اليمنيون بارقة أمل في مستقبل مشرق. ثم عاد عام 2011 لتكرار نفس التعهد السابق، كي يلتف على احتجاجات الشعب ضد حكمه، بعد أن تفشى الفساد وتدهورت أوضاع البلاد، لكنه كعادته أيضا لم يف بتعهده. لكن الخطأ الذي ارتكبه المخلوع هذه المرة كان أكبر من كل أخطائه الماضية، إذ ولغ بصورة مباشرة في دماء آلاف المدنيين الذين قتلوا بسبب إصراره على البقاء في منصب الرئاسة، تسبب في إزهاق أرواح بريئة، وهو ما سيوصله حتما ذات يوم إلى حبل المشنقة.