بما أن الساسة لا يكشفون كل أساليب ألعابهم السياسية، ولا يصرحون بكل قناعاتهم الفكرية، ولا ينتهجون إلا المناورة في جولاتهم، يلجأ المتابع إلى الإعلامي السياسي "محللا وكاتبا" ليكشف له خيوط الألعاب السياسة ليستمتع بالمتابعة!

نعرف أسماء سياسة عديدة، ونسمع عن قضايا سياسية كثيرة؛ ولا نعرف إلا القليل من الأسماء الإعلامية في الميدان السياسي.

الإسراف في البرامج الحوارية التلفزيونية لم يخلق للمشاهد محللا سياسيا سعوديا يستحق الإنصات له، إلا من كان كاتبا سياسيا في الصحافة الورقية، وقبل أن يكون ضيفا لمحاور ربما يجهل دهاليز السياسة، أو محاور يسير بأجندة خفية، أو محاور يسعى لخلق الصراعات ليبقى متابعا.

أحد أهم عناوين التحليل والرأي السياسي هو "عبدالرحمن الراشد" الذي صنع من "العربية" قناة إخبارية ذات قيمة في المشهد الإعلامي، وقد كان غيابه عن الشاشات مبرراً أثناء إدارته للقناة، لكن غيابه اليوم ليس مبرراً، فليست الزاوية الصحفية هي المنبر الإعلامي الوحيد، إلا أن "الراشد" لا يزال يعتمدها –بكتاباته- المنبر الإعلامي الوحيد الذي يربطه بالمتابع، وكأنه لا يحب الكاميرات التي أدارها وحقق بها نجاحا!

ليست مشكلة الحوارات السياسية الفضائية فقط أنها لا تجد ضيفا ذا قيمة ومعلومة ورأي سياسي عميق، أو أنها لا تجد المحاور الجيد المدرك للتفاصيل والمتقن لأدبيات الحوار، بل لديها مشكلة ثالثة، هي أن كثيرا منها لا يعرف طريق الحياد والمهنية في طرق القضايا، فتجد عنوان الحلقة ينحاز إلى طرف ثم يدعي المحاور أنه استضاف طرفي القضية ليسمع منهما المشاهد، والاقتناع متروك له، بينما البرنامج في الأصل منح عقل المشاهد حكما في القضية قبل الحوار والمداولة.