نشر موقع مركز الأبحاث التابع لمجلس العلاقات الأميركية في الأول من أكتوبر الجاري تحديثا جديدا لدراسة مهمة سابقة عن جوهر العلاقات الأميركية - السعودية على مدى 70 عاما، نشرت في 11 مايو 2015، وتمثل رأي المركز والمجلس معا، أضاف إليها أنه إذا كان التحالف الأميركي - السعودي نجا من مخاطر جسام منذ أكثر من 40 سنة، مثل الحظر النفطي عام 1973، وهجمات سبتمبر عام 2001، فإن حزمة جديدة من المخاطر تواجه الحليفين التاريخيين، منها إمكان التكيف مع الاتفاق النووي وتداعياته في المنطقة، وتراجع دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، من أجل إعادة التوازن الاستراتيجي في آسيا والمحيط الهادئ.

ويشير بعض المحللين إلى محدودية التنسيق مع الولايات المتحدة في التدخل العسكري العربي بقيادة المملكة في اليمن، ربيع العام الجاري، ما يعني أن هناك حقبة جديدة من العلاقات بين الدولتين بدأت.

الحليف الأقرب

ويرى المحللون أنه إذا كانت المملكة هي أقرب حليف عربي لواشنطن في الشرق الأوسط، فإن العلاقات بين الدولتين شابتها بعض الخلافات حول الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وفي وقت لاحق حول السياسات التي اتبعتها أميركا مع حركات الاحتجاج العربية في عام 2011، فضلا عن تعاملها مع إيران، ما أدى إلى توتر ملحوظ في السنوات الماضية، لكن حرص المسؤولين من الجانبين على هذه العلاقة التاريخية وأهميتها كان يتجاوز ذلك بإعلاء المصالح المشتركة، وحسب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير "عندما يحين الحسم، فإن هذه العلاقة لا تتزعزع"، كما جاء في صحيفة واشنطن بوست في مارس 2015.

وأضافوا أنه على الرغم من توحيد أهداف الولايات المتحدة والمملكة في احتواء إيران، والاستقرار في المنطقة على مدى عقود سابقة، فقد اختلفت الدولتان في بعض القضايا الجوهرية على مدى السنوات الخمس الماضية.

جيل جديد

في السياق ذاته، عرض محللون سعوديون التحول في السياسة الخارجية للمملكة، بوصفها انعكاسا لتنامي قوة جيل جديد من الشباب الذين تسلموا مناصب قيادية في أبريل الماضي، في مقدمتهم ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

ومع ذلك، يقول محللون آخرون إن كلا الرجلين من المرجح أن يحافظا على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، وتبادل المخاوف الأمنية الأساسية مع واشنطن، خصوصا في مواجهة تنظيمي القاعدة وداعش اللذين هاجما المساجد في المملكة عام 2015.


تحولات السياسة الخارجية

تختلف المبادرات التي طرحتها السعودية مع روسيا أخيرا بصورة مباشرة وغير مباشرة مع نهج الحروب بين الدولتين في أفغانستان وسورية، ومنها السعي إلى تحقيق مصالح مشتركة، ربما تتعارض مع الولايات المتحدة، وهو ما يشير إلي تحول جوهري وسياسة جديدة للعلاقات الخارجية السعودية.  ومن الأمثلة على هذا التحول اجتماع جرى في يونيو 2015 بين ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، حيث تم توقيع عدد من الصفقات الاستثمارية واتفاقات التعاون، مع تلميحات سعودية رسمية بأن المملكة يمكن أن تطور الأسلحة النووية الخاصة بها.

ويبدو أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى البيت الأبيض في سبتمبر 2015 خففت حدة الخلاف، حين صرح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بأن المملكة ليست "ضد الاتفاق النووي" مع إيران والمجتمع الدولي، مؤكدا أن العلاقات بين المملكة وروسيا لن تكون على حساب العلاقة التاريخية مع الولايات المتحدة.


مزيج مصالح مشترك 

أكد المحللون أنه رغم اختلاف الرؤى والأهداف بين المملكة والولايات المتحدة في مجال السياسة الخارجية، يظل هناك المزيج المشترك "الاستثنائي" من المصالح الاقتصادية والأمنية والجيوسياسية، الضامن الأكبر للحفاظ على علاقات قوية بين البلدين في المستقبل المنظور.

ومع توسع اقتصاد المملكة على مدى العقد الماضي، ومع فتح سوق الأسهم لتصل إلى المستثمرين في 2015، فإن كثيرا من البنوك الأميركية والأوروبية بدأت تنتقل وتوسع عملياتها في المملكة، حيث يستعد بنك أوف أميركا للدخول بثقله إلى السوق السعودية في السنوات المقبلة، وكذلك بنكا مورجان ستانلي، وكريدي سويس. وبدأ الخبراء وكبار الموظفين الانتقال من دبي إلى الرياض، فضلا عن صناديق الاستثمار في الولايات المتحدة، مثل بروفيدنس اكويتي بارتنرز، وأبولو للإدارة العالمية، وتسعى أيضا للحصول على حصص في الشركات السعودية بعد الانفتاح الكبير الذي بدأ مع عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز.