مسرح حياتنا اليوم تجاوز فصوله الثلاثة المعتادة، وأصبح يتشكل من حكايات وقصص متعددة تسيد فيها المشهد التراجيدي وطغى عليها ديكور ملطخ باللون الأحمر وممثلون أغلبهم يصنفون مسرحيا بالكومبارس شكلوا مع أبطال من ورق طرفي لوحة من عبث إنساني.
في سورية والعراق ابتلينا بمن يدعون أنهم يحملون لواء الدين، يحتلون المدن ويسيرون في الطرقات يقتلون الصغير قبل الكبير، لهم بين جنبات وطننا مؤيدون لا زلنا نتعامل معهم باعتبارهم مغررا بهم سيعودون لرشدهم في يوم لا محاله، نغرق في الأمل وهم يتمادون تلاعبا بأملنا، نغرق في إنسانيتنا وهم يغرقون في لاإنسانيتهم.
الطائفي من خارج الحدود يعمل على تنمية هذا العفن في داخل وطننا، نعي أنه يخطط لذلك، ولكن فينا من تغلبه طائفيته فينجر في مواجهة لا منتصر فيها. على جانبي خشبة مسرح هذا التناحر يقف الوطن بشموخ أبنائه الأوفياء، هؤلاء الذين لم تلوث عقولهم ودماؤهم بمرض المزايدة وزرع الفتنة، هؤلاء الذين قرروا أن يرفعوا الصوت بل يرفعوا لوحة "الإنسان" تزين بكل ألوان الطيف من أقصى الوطن إلى أقصاه.
منذ البدء كان إشعاع الإنسان هو من تسيد هذه الأرض، لم يكن الرجل هو من بناه أو شيده، أليست المرأة هي من شيدت تكوين الرجل وصنعت منه إنسانا قادرا على البناء؟ هذا وطننا مزيج مكون من تعددات وتباينات شكلت منه تكوينا صالحا لكل زمان ومكان، فهل نحن بخلاف ما نؤمن أم نحن امتداد أصيل لما تشعب فينا؟
رغم الاختلاف الظاهر لقصص مسرحيتنا إلا أنها لو قرئت بعناية وتعقل لاكتشفنا أنها تدور كلها حول قضية الاختلاف والطريقة التي لا يمكن أن تسمى حضارية في تعامل طرفي المواقف، فالداعشي يقتل من يخالفه، والطائفي كذلك يفعل، والرجل يتبرأ من أمه وأخته وابنته لأنه ناقص رجولة بهم في ظنه المريض! وامتدادات هذا اللاتصالح يصل لجوانب كثيرة من حياة البشر، فتجدها في النعرات المناطقية والعنتريات القبلية والمطالبات الطبقية التي قد يقول أحدهم إنها تبرر عودة نماذج من فكر اقتصادي سياسي انهار قبل عقدين.
مسرحيتنا تراجيدية، ولا بد أن نعي سريعا أننا لسنا كومبارسات على مسرح أحداثها.