أحسب أن رئيس نادي الهلال الأمير عبدالرحمن بن مساعد والله حسيبه خير من يؤمن بالقدر خيره وشره وخير من يسلم المشيئة للباري, فنبرات الصوت الخانقة وهمسات الحزن الخافتة وعلامات الأسى التي ظهرت على محياه كانت نتيجة الخروج القاري المر أمام ذوب هان الإيراني, الذي له إحسانه وشجونه, إلا أنه لا يعني نهاية العالم, والوقوف عند نقطة الصفر.

صحيح أن البطولة الآسيوية كانت الحلم الأول لرئيس الهلال وأول النقاط الاستراتيجية التي خطتها أنامله في مايو 2008 بعد ترشيحه لخلافة الأمير محمد بن فيصل, إلا أن إعلان الاستقالة لن يقبلها الشارع الرياضي منه ولن يرضى بها المدرج الهلالي بعد أن يزرع أعضاء الشرف مصدات شرفية لمنع رفع أوراق الاستقالة, ليس لعدم قدرة ملء المنصب برجل يواصل ما بدأه الرؤساء الراحلون, وإنما لأن الأمير الشاعر عبدالرحمن بن مساعد, حضر للرياضة من بوابة الدين والعلم والشعر والأدب, وجاء بمنظومة رياضية نحتاج إليها كثيرا في تكريس المفاهيم الصحيحة للرياضة, وفي نبذ التعصب والفرقة الكروية, وفي نشر ثقافة الأهداف السامية للرياضة الحقة.

إن قدم الرئيس الهلالي استقالته وأصر عليها فلن نسامحه ليس لأن الفريق عجز عن تحقيق حلم اللقب الآسيوي الغائب من عشر سنوات, وإنما لكونه أعاد بناء البنية التحتية للنادي وبناء فريق بعزيمة الرجال لا يقهر.

وحين يتحقق هذان الأمران فإن الكاسب الأول هو الرياضة السعودية التي تنتظر الشيء الكثير من أميرها (المحبوب) عبدالرحمن بن مساعد الذي حمل للوسط لغة الخطاب المثلى في أكثر من موقف كروي عصيب, وهو الذي زاد من تسليط أشعة الأضواء على كرتنا السعودية عبر النجاحات المتتالية للصفقات التدريبية والكروية التي جعلت المتابعين خارج حدود القارة يتابعون حضور تلك الأسماء في سماء الكرة السعودية, وهو الأمير الذي أكد للملأ نجاح القدرات الإدارية للنجم المعتزل سامي الجابر في أكثر من موقف, كما أن الاستقالة فيما لو تمت ستهد بنى كرتنا بحاجة لها, بخلاف الأزمة النفسية التي قد تخلف آثارها في لقاء النصر المرتقب وغيره من اللقاءات الكروية.

إذن فالخروج الآسيوي حلو ومر, حلو لأن الهلال يسترد عافيته ويكشف مدى اللحمة مع رئيسه ورباطة جأشه, ومر في استعصاء وعقوق العالمية على الهلال بعد أن حقق جميع البطولات بكافة مسمياتها القارية والمحلية والإقليمية.