كانت صورة الطفل السوري الغريق على شاطئ الحزن حديث الناس طوال الأيام الماضية، فالصورة نقلت بكل ألم جثة طفل مسجى على رمال الشاطئ، وبكل تفاصيل الحزن على حال سورية وأبنائها ولاجئيها، بصدق هزتني الصورة كما هزت كثيرين، اعتصر قلبي ألماً من قسوة الصورة وسرحت بخيالي بعيدا بعد استماعي إلى تفاصيل قصة رحلة هذه الأسرة المهاجرة برا وبحرا من أجل البحث عن الأمان لا غير، لكنه البحر وبغدره هذه المرة كان أكثر رأفة من ظروفهم التعيسة فقام بدور البطولة وخطفهم نحو عالم آخر، ربما يكون أفضل لهم بكثير من دنيا فانية زائلة، وبين "الماء والدم هم ما ينلم".

مات الطفل وهو يبحث عن مأوى يضمه، فغدر به البحر وأخذه هو وأخاه وأمه، وتباكى الكل عليه، لكن كل هذا لن يصلح.

لأن حالنا يفضح فما بين البشر، وبشار دم وألم وثأر، فيا رب ارحم المسكين واعطف على السوريين، يحدث كل هذا وما زال المجرم يعيش دور الزعيم، وكأن سورية المكلومة من أملاكه الخاصة، وهنا أستغرب صمت العالم، لا سيما القوى الكبرى، أيعقل أن يعجزوا كل هذه السنوات من التدخل وإخراج هذا المجرم عنوة من أرض الشام الجريح؟ أم أن النفط هذه المرة لم يكن مغريا لممارسة دور البطولة كما حدث قديما في أرض العراق! أيُعقل أن يكون النفط أهم من البشر؟

هل يجب أن تتفجر ينابيع عيون الذهب الأسود حتى تتدفق إنسانيتهم، وتشحذ هممهم لتخليص الشعب السوري من هذا العذاب المستمر؟ ياهٍ كم هي قذرة هذه السياسة حين تفصل بين الإنسان واللهث خلف المطامع والمكتسبات الدنيوية، سورية اليوم بحاجة إلى كل العالم، ولعل الشرارة الأولى هي جثة هذا الجسد الغض فهل يكون؟