مطلع العام الحالي، قلت إن العقوبات التي تلّوح بها وزارة العمل على المؤسسات التي تقوم بتشغيل عمالتها خلال فصل الصيف هي حبر على ورق، ومجرد تعقيب لغرض الاستهلاك الإعلامي لا أكثر!، واقترحت على الوزارة أن تقدّم لنا بيانا نهاية الصيف بالمخالفات والعقوبات التي تثبت لنا جديتها في تنفيذ قراراتها.

بالفعل قامت وزارة العمل -مشكورة- بالاستجابة خلال الفترة الماضية، وقدمت للصحف كشفا بالمخالفات وقيمة الغرامات.

كما تقول العرب الشيء بالشيء يذكر، أتابع خلال الأيام الماضية التحذيرات المكثفة التي تبثها اللجنة الأمنية بالحج.. نحو: "الإبعاد خارج المملكة عقوبة المقيم المتوجه إلى الحج دون تصريح مع منعه من دخول المملكة لعشر سنوات".. وكذلك "أخي المواطن.. الضبط والتحفظ وفرض أقصى العقوبات على أصحاب المركبات عند نقلهم لحجاج غير نظاميين"!

ومع تقديري لجهود العاملين في اللجنة الأمنية بالحج -ولا ينكر جهودهم إلا جاحد- إلا أن هذه الرسائل التحذيرية ستبقى مجرد رسائل تحذيرية هي الأخرى، ولن تختفي ظاهرة الحج دون تصريح، أو نقل الحجاج غير النظاميين، إلا في حالة واحدة، حينما تعلن  اللجنة ذاتها بعد موسم الحج مباشرة عن قائمة بأسماء الذين تم إبعادهم عن البلاد، وقائمة تالية بأسماء المواطنين الذين تم إيداعهم السجن، وحجم الغرامات والمركبات التي تمت مصادرتها ونوعيتها.

تلك اللحظة سيدرك الناس أن المسألة جدية، وسيعلم الذين يرفضون قانون "لا حج دون تصريح"، والذين يريدون الحج وفق المزاج وليس وفق التصريح، أن اليوم غير الأمس، وأن اللجنة الأمنية جادة في تحذيراتها، وكما يقول المصريون "مفيش لعب عيال"، وسنستطيع بالقانون الشفاف الواضح الحد من هذه الظواهر السلبية التي تربك خطط إنجاح الحج كل عام.

لدينا حشود مليونية هائلة تتحرك في مساحة محدودة في زمن محدود، وتحقق بلادنا، بفضل الله، نجاحات باهرة يشهد بها الأعداء قبل الأصدقاء.. لذلك: هذا الذي يستطيع إدارة هذا الحشد البشري الهائل، ألا يستطيع ردع بضعة آلاف مخالف يشوهون الحج بسلوكياتهم ومخالفاتهم السنوية؟ بلى والله يستطيع.