يؤطر كتاب (سياسة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات) للباحث السياسي مجاهد بن حامد الرفاعي لحل الخلاف الوهمي بين المسلمين حول مشروعية وأهمية الحوار، وهو خلاف يرى أنه لا مبرر له، وأنه يعود إلى غياب الفهم المؤسس على تكامل النصوص القرآنية، في إطار وحدة مقاصد الخطاب القرآني العام، مشيراً إلى أن الحوار منهج مقرر في الكتاب والسنة، تحتمه أمانة تبليغ الهدي الرباني، وتفرضه مسؤولية الإستخلاف في الأرض، وإقامة العدل وتحقيق المصالح المشتركة بين العباد، مع التأكيد على توفر الكفاءة العلمية والمهارة والحجية والخبرة للمحاور المسلم، ولذا جاء الكتاب لتأسيس وتقديم لائحة تنفيذية لسياسة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات. ويقول الرفاعي "المسيرة البشرية في خطر، وإسلامنا يأمرنا ويحفزنا لترشيد المسيرة البشرية، لتكون مسيرة عدل وأمن وسلام، تحل معها قدسية حياة الإنسان وكرامته ومصالحه، وتصان بها سلامة البيئة وتتطهر الأرض من الفساد والإفساد، ويقوم التعايش الآمن والعادل بين المجتمعات".

ويتساءل "هل يعي المسلمون قبل غيرهم هذه الغايات الإنسانية النبيلة التي لا تتحقق إلا بالحوار مع الآخر، فالحضارة البشرية إرث بشري تراكمي، علينا مشتركين أن نحميه من الفساد والدمار، وأن نعمل معاً لنهزم ثقافة صراع الحضارات التي تعني تشجيع ثقافة الإرهاب".

مبادرة

يأتي كتاب  سياسة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات ليطرح مبادرة ورؤية جادة عن تأسيس لائحة تنفيذية لسياسة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات في المملكة، تتكون من 14 مادة، هي (تعريف الحوار)، (من نحن)، (ثوابتنا العقدية، والإنسانية في الحوار)، (مواصفات المحاور المسلم، وآداب الحوار، وآلياته)، (من الآخر)، (أهداف الحوار)، (منهج الحوار وضوابطه)، (وسائل الحوار)، (مجالات الحوار)، (أسس الحوار وموضوعاته)، (منطلقات المشترك الثقافي البشري)، (منطلقات الأداء البشري المشترك)، (الجهة المنفذة لسياسة الحوار)، (المكافآت والجوائز).

تقديم

قدم للكتاب عدد من المثقفين والسياسيين، فقال الدكتور حامد بن أحمد الرفاعي - رئيس المنتدى الإسلامي العالمي للحوار، رئيس لجنة الاتصال الإسلامي- الكاثوليكي (الفاتيكان)، الأستاذ في جامعة الملك عبدالعزيز سابقاً "قلبت صفحات الكتاب وتأملت متونه ونصوصه وأفكاره، فوجدت مادته ثرية ودقيقة وعميقة، حيث وجدت خيارات كثيرة وغزيرة، منها قوله "فالحوار ليس غاية لذاته، الحوار وسيلة حكيمة لتحقيق التعارف، والتعارف عندما يقوم يفتح بابا رحبا للتفاهم، والتفاهم عندما تتبلور قيمه ومبادئه وسلوكياته يكون منطلقا للتعاون، والتعاون يشجع ويعزز ثقافة التنافس بالتنمية والإبداع والارتقاء، ويومها تشمخ شجرة ثقافة التدافع والتضامن بين الناس لصرف الفساد عن الأرض، وبالتفاهم والتعاون والتدافع تصان المقدسات وتحترم الخصوصيات الدينية والثقافية، وتبدأ مسيرة التعايش العادل والآمن بين المجتمعات".


القاعدة الأساسية

ذكر  الدكتور أيمن فاضل عميد كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبدالعزيز "يمثل الحوار القاعدة الأساسية للعبة السياسية، بل هو جوهرها، وحوار الأديان أحد أساليب التعايش، وهو ما يشدد عليه المؤلف في كتابه، ولو كان الحوار حاضرا في عالمنا العربي المتعدد العرقيات والطوائف والأديان لما وصل لهذه الحالة من عدم الاستقرار والفوضى، بعد موجة ما عرف بالربيع العربي.وبادرت المملكة بتبني نهج الحوار داخلياً وخارجيا بهدف إحياء القيم الإنسانية وترسيخها في نفوس الشعوب والأمم، وتبنيها حوار الأديان الذي ينادي بالتعايش السلمي بين اتباع الأديان ويخفف من الارتياب المتبادل".


وقائع إنسانية

قال الدكتور وحيد بن حمزة عبدالله هاشم أستاذ العلوم السياسية المشارك بجامعة الملك عبدالعزيز "مناهج الحوار الفكري وساحاتها بخلفيتها الثقافية والحضارية  في واد، وما تحقق منها على أرض الواقع من نتائج وثمار في واد آخر، فالحوار لم يصل بعد مرحلة النضوج في عالمنا الإسلامي، لذلك يعرض المؤلف في كتابه لحقائق واقعية إنسانية عن جهل كثيرين بمنطق الحوار وسياسته ومناهجه، وعن أن القيم الدينية الربانية هي المصدر الأساسي لحياه إنسانية مستقرة أيا كان موقعها الجغرافي.

الكتاب محاولة جادة غير مسبوقة  لإلقاء الأضواء على حقائق سياسة الحوار بين أتباع الأديان وما نتج عنها من أزمة ثقة وسوء فهم وتقدير، وهو محاولة مختصرة وجادة قابلة للتطوير، في تفسير أزمة الثقة بين أتباع الديانات المختلفة.