تعددت المؤسسات التي حملت على عاتقها حس المسؤولية الاجتماعية في رعاية الأيتام، لهدف واحد وهو إكرام الإنسان، وتعدّ مؤسسة "إخاء" الخيرية من أبرزها، إذ قدمت رؤيتها في التمحور حول دعم اليتيم ورعايته وبناء شخصيته وتقويمها، كي يتمكن من تحقيق ذاته والاعتماد على نفسه، في ظل ظروف تربوية ملائمة، وكذلك الإسهام كغيره في بناء مجتمعه وتفعيل دوره الاجتماعي، إضافة إلى تقديمها لكثير من البرامج والدورات التأهيلية وتوفير السبل لسهولة الحصول عليها.

تعدّ الرعاية الاجتماعية عنصرا حيويا ضمن مشاريع التنمية المجتمعية وكأحد المجالات الخدمية المهمة التي تساند القطاعات الأخرى في إتمام معادلة البناء والتطور، وعندما يتم تطبيق المراحل العملية لسياسات الرعاية الاجتماعية، فإننا سنحصل على مستوى متقدم من التنمية البشرية، إذ تتمكن بعض أساليبها من اكتشاف الطاقات الإنسانية وتوجيهها على النحو السليم، من خلال السعي المستمر إلى إنجاح مشاريعها وأنشطتها، ومن هنا يأتي الاهتمام بكيفية تأثير هذه السياسات على النظم الاجتماعية والسلوك الاجتماعي في إطار الاهتمام بتطوير الفاعلية على المستوى الشخصي للفرد وعلى المستوى العام للمجتمع، وذلك بما تتضمنه من التقدم العملي والعلمي في تنفيذ برامجها.

لا شك أن الاستفادة من البرامج الداعمة وسد الاحتياجات الإنسانية للأيتام وتوفير سبل الرعاية والخدمة الاجتماعية التي تعنى بها مؤسسات رعاية الأيتام؛ تأتي ضمن الأسباب التي تشكل مسارا خاصا في قيادة التغير والنهوض بالمجتمع، غير أنها أيضا تسهم في تشكيل الاستقرار الاجتماعي والتنشئة السليمة من مقتضى تقديرها للنقص الناتج عن فقد اليتيم لأحد والديه أو كليهما، والعمل على تأهيل المستفيدين من الخدمات وتنمية طموحاتهم وتبنيها، وهذا يسهل اندماجهم بمجتمعهم، من خلال ما تقدمه المؤسسة من الأعمال الأخرى، الأمر الذي يسهم في تحقيق الأهداف الإنمائية في مجالات أوسع.

إقامة هذا النوع من المؤسسات يأتي من منطلق المسؤولية تجاه الأعمال التطوعية التي يتم تنظيمها وفق مصالح وقيم وأهداف مشتركة، فهي تسهم في إرساء ثقافة التكافل الاجتماعي، وتعدّ مكسبا وطنيا حين تسمح بالمشاركة للمقتدرين من محبي البذل والعطاء والتبرعات العينية والمادية، الأمر الذي ينعكس على رفع مستوى الوعي من جوانبه الفكرية والسلوكية على المستوى الثقافي، كما أنها تعبر عن رسالتها في مسؤولية الإخاء كقيمة جوهرية على مستوى التشارك الحسي والمعنوي، والذي يؤدي بالنتيجة إلى مرحلة مُرضية من التوازن والتكامل الاجتماعي.