من أسوأ البدايات ليوم مشرق جميل تصل درجة حرارته إلى 45 درجة مئوية، أن تفاجأ أنك بلا ماء، تحاول "حلب" أحد صنابير منزلك أملا في بضع قطرات ماء إلا أنه يأبى! تتسلل بخفة لمباغتة صنابير المنزل الأخرى لتفاجأ بذات النتيجة! تخرج من المنزل لاستكشاف الأمر فتجد أن باقي جيرانك يشاركونك مصيبتك تلك فتعزيهم ويعزونك ويقوم أحد الحضور مشكورا بسرد حكاياته البائسة وسيرته المحبطة مع انقطاعات المياه المتكررة!

حين تصبح من ضحايا السيناريو السابق فأنت حتما تنتمي لمحافظة رأس تنورة! وأنت بالتأكيد ما زلت تبارح فصل الصيف، وقطعا تحفظ رقم طوارئ المياه، وحتما تمضي يومك الثالث دون أن تتمكن من مشاهدة قطرة ماء واحدة! 

بقي الآن أن تدرس الخيارات المتاحة أمامك والتي ليس من بينها التفاؤل بعودة الماء في الأيام المقبلة!

أحد الخيارات غير المجدية أيضا هو الاتصال بهاتف طوارئ المياه وهو الذي سيجيب عليه أحد الموظفين ليطمئنك بأن الانقطاع مستمر وأنه ستجري معالجته في الأيام المقبلة! وعبارة "الأيام المقبلة" هي إحدى العبارات المطاطية التي تحتمل "الأسبوع المقبل"، مثلما تحتمل أيضا "السنتين القادمتين"!

لذا فسيبقى الخيار الأمثل الذي يكمن في المسارعة بجلب صهريج ماء بضعف سعره المعتاد، ثم تطبيق سياسة ترشيد صارمة في المنزل تحدد من خلالها العدد الأقصى المسموح به لغسل الوجه والكفين! 

كان من المفترض أن يكون هذا المقال توعويا يناقش ممارساتنا الخاطئة وعدم ترشيدنا للمياه، غير أنه سيصبح من العبث أن توصي أحدهم بعدم الإسراف في استخدام الماء وهو الذي لم يشاهده منذ أربعة أيام! من الممكن فقط أن تنصحه بشرب الماء بنظام التقطير!

وبالعودة إلى السيناريو السابق الذي نلعبه مجبرين مع كل فصل صيف وبداية خريف تبقى الحلول الجذرية غائبة دون تعليل، ويبقى معها مسلسل "الصهريج والمواطن" مستمرا حتى يأذن الله بـ"شتاء"!