لا يكاد يهدأ جوالك أو بريدك الشخصي من الرسائل التنبيهية التحذيرية من صورة منتج مكتوب عليه لفظ الجلالة أو اسم نبينا محمد، عليه الصلاة والسلام، وعندما تطلب من أحدهم أن يوضح لك الأمر، فالصورة ليست واضحة فيقول لك لا، اقرأها "بالعكس" من اليسار إلى اليمين، وعندما تقرأ كما قال فإذا هي عبارة باللغة الإنجليزية، فيرد أن شكلها يعني كذا وكذا.

وآخر يطلب منك أن تصل المستقيمات ببعضها لتحصل على عبارة أو صورة وضعها في مخيلته، ومثل هذه الصور والرسائل كثيرة جدا.

إنها بأيدينا نحن من غيّر فيها لتقرأ كما نريد، فذاك يقول اقرأها بالعكس والآخر يقول صل المستقيمات، هناك تهكمات واضحة صريحة، وموقفنا منها واضح ولا نساوم عليه، أما أن نغيّر في الصور ونصل المستقيمات لتظهر لنا بشكل آخر، فهذا الذي يجب الكف عنه.

وتعال معي أخي القارئ إلى هذا الموقف، كنت يوما خارجا من مكتبي، فإذا بالشارع مليء بالماء، وإذا بورقة تطفو على الماء بحافة الرصيف، اقتربت منها واتضحت أنها من كتاب أو خطاب، وفي أعلى الورقة خط عريض واضح، وإذا به "بسم الله الرحمن الرحيم" واضحا ليس بحاجة إلى أن يقرأ من اليسار إلى اليمين ولا أن تصل المستقيمات، واضحا لمختلف الأعمار المتعلمة، ولمختلف مستويات التعليم.

نعم إنها بأيدينا نحن من كتب ورمى في صناديق المهملات وتحت المكاتب وفي الشارع، بل إن هناك كتبا دراسية، ومجلدات علمية تُرمى، ولك أن تتخيل محتواها.

أما آن لنا أن نتوقف عن قراءة الصور "بالعكس"، أو أن نصل مستقيمات وضعت على صورة ما، هذه ليست بأيدينا ولكننا بأيدينا غيّرنا فيها. وفي المقابل نحن نرمي أوراقا بل كتبا ومجلدات في سلة المهملات، تضم هذه الكتب ما الله به عليم، الأمر لا يقبله صاحب القلب السليم والخلق النبيل.

دعونا نهتم بشأننا ونحفظ أمرنا وما نكتب بأيدينا في مكان يليق به، أما ما هو بأيدي غيرنا نتركه مكانه إلى أن ينسى ويموت.