في إيران، دفعت حمية الجاهلية حكومات الملالي المتعاقبة إلى اتخاذ أسوأ قرارات الاستكبار في عصرها الحديث، والتي أدت إلى ارتفاع البطالة بنسبة 26%، وتفاقم التضخم بنسبة 16%، واستشراء الفقر والحرمان بنسبة 40%، وتدهور العملة الوطنية بنسبة 80%، ما جعل المجتمع الإيراني يبحث عن مخرج يأخذه بعيدا عن واقعه الاقتصادي المرير.

أدى ذلك إلى انتشار تعاطي المخدرات بين معظم فئات المجتمع الإيراني، لتحتل إيران بجدارة أعلى المراتب في استهلاك الأفيون بنسبة فاقت 42% من الإنتاج العالمي، ولتحقق إيران مجددا مكانتها المرموقة على رأس قائمة مؤشر البؤس بنسبة فاقت 62% بين دول العالم.

طبقا لتقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة الصادر في نهاية العام الماضي، تتسابق إيران مع أكثر دول العالم استهلاكا وترويجا للأفيون، إذ تستهلك 450 طنا سنويا ليشكل المجتمع الإيراني ما نسبته 13% من مجموع مستهلكي الأفيون في العالم.

هذا ما أكده "روزبه كردوني" مدير مكتب إدارة الأضرار الاجتماعية التابع لوزارة العمل في إيران، والذي قال خلال تصريحاته لوكالة أنباء "مهر" الإيرانية: "إن نسبة تعاطي المخدرات في بلاده تضاعفت 52 مرة خلال العقد الماضي، لتقترب من نسبة 26% في العام الحالي".

وكان "رضا ملك زاده" نائب وزير الصحة الإيراني، صرح لوكالة أنباء "فارس" الإيرانية: "إن إيران أصبحت أكثر دول العالم استهلاكا للأفيون، وهو ما يزيد نسبة انتشار السرطانات في البلاد، لأن تأثيره بالتسبب في السرطانات أمر قطعي، كما يعد عاملا رئيسا في كثير من الأمراض العضوية والنفسية".

وفي تقريره السنوي السري، أكد نائب مدير مكافحة المخدرات في إيران "علي رضا جزيني"، تزايد نسبة المدمنين بين طلاب المدارس إلى 1.6%، وارتفاعها بين طلاب الجامعات إلى 2.6%، وتضاعفها بين أصحاب الشهادات الجامعية لأكثر من 21%.

وجاءت تصريحات المسؤولين الإيرانيين تأكيدا للإحصاءات الرسمية الإيرانية التي تعدّ المخدرات ثالث أهم أسباب الوفاة في إيران، وأن هنالك 2000 مادة مخدرة تباع على المدمنين الذين وصل عددهم إلى أكثر من 7 ملايين، بزيادة سنوية تصل إلى 160 ألف مدمن.

كما أوضحت هذه الإحصاءات أن تعاطي المخدرات في إيران يتسبب بنسبة 65% من العنف الأسري و55% من حالات الطلاق و30% من الجرائم الأخلاقية و25% من جرائم القتل.

وتُعد إيران اليوم من أكثر الدول المُهَرِبة للمخدرات في العالم، فهي أكبر مشتر للأفيون الأفغاني، وأحد أكبر منتجي الهيروين في العالم، إذ يتم تصدير 95% من الهيروين من إيران إلى الدول الأوروبية.

وعلى المستوى الإقليمي، أصبحت إيران البوابة الرئيسة لتهريب المخدرات إلى تركيا والمنطقة العربية، وذلك بعد خلطها بمواد ضارة قبل تهريبها بهدف تحقيق المكاسب المالية.

وتجري عمليات تهريب المخدرات الإيرانية إلى دول الخليج عن طريق البحر أو عن طريق الحدود العراقية السورية مع المملكة، وعن طريق المناطق اليمنية التي يسكنها الحوثيون الموالون للنظام الإيراني.

في الشهر الماضي، فاجأ موقع "بهار نيوز" الإيراني دول العالم عندما أكد أن هذه المعدلات الكبيرة من تعاطي المخدرات تأتي بسبب تدهور الأحوال الاقتصادية في دولة تحتل المرتبة الرابعة عالميا من ناحية احتياطات النفط، والمرتبة الثانية عالميا في احتياطات الغاز، إضافة إلى الموارد الاقتصادية الأخرى مثل المعادن والمناجم ومصانع البتروكيماويات.

وخلص الموقع إلى أن سوء الإدارة والسياسة الخاطئة التي تمارسها الحكومة الإيرانية، أدت إلى تدهور الوضع الاقتصادي وزيادة معدلات الفقر والبطالة والحرمان بين الشعب الإيراني، والتي أخذت في التزايد بسبب العقوبات الدولية على إيران.

وفي مفاجأة أخرى، تجرأت النائبة في البرلمان الإيراني "جميلة كاديفار" بإعلانها أمام البرلمان: "أن مبعث قلق طهران الرئيس يكمن في انتشار الرذيلة والمخدرات في إيران بشكل كبير، وأن هذا يشكل أحد مظاهر الفشل الكبير للثورة ونظامها وإدارتها الاقتصادية، إضافة إلى تجاهل دور الدولة في الرعاية الاجتماعية".

وكانت النائ‍بة الإيرانية تشير إلى قرار مؤسسة "آستان قدس رضوي" في مدينة "مشهد" الإيرانية، والذي أعلن عن موافقته على: "تأسيس مراكز أوقات المتعة القصيرة قرب مرقد إمام الرضا، من أجل رفع الأجواء المعنوية في المجتمع الإيراني، وإيجاد أجواء روحانية وهادئة للإخوة الزوار من الرجال الذين يزورون حرم الإمام الثامن وهم بعيدون عن زوجاتهم".

وجاء مساعد وزير الصحة الإيراني "علي أكبر سياري" ليؤكد في ملتقى اليوم العالمي للإيدز في ديسمبر الماضي، على: "أن 15% من المصابين بالإيدز في إيران تراوح أعمارهم بين 15 إلى 60 عاما، وذلك يعني احتمالية إصابة ما يقارب من 85 ألف مواطن إيراني بهذا الفيروس".

لذا، حققت إيران بسبب حمية الجاهلية موقعها المميز على مؤشر البؤس العالمي الصادر عن البنك الدولي.

ففي الحقب الرئاسية الثلاث السابقة كان الوضع الاقتصادي السيئ في إيران يعود في جزء كبير منه إلى عدم استقرار العملة، وإلى التضخم المرتفع، إذ وصل معدل التضخم الشهري في ظل حكومة أحمدي نجاد إلى 69%، ما أدى إلى تنامي حالات البؤس بين الشعب الإيراني. 

وفشلت الحقبة الرئاسية الحالية في كبح جماح ارتفاع معدلات البطالة والفقر وأسعار فوائد الاقتراض، لتوحي التنبؤات أن مستويات مؤشر البؤس بين الإيرانيين ستبقى على وضعها البائس لسنوات عدة. فمتى يقتنع "ملالي" إيران بأن سياساتهم الخارجية المبنية على حمية الجاهلية والاستكبار هي السبب الرئيس في بؤس مواطنيهم؟.