كلنا نتمنى مجيء الغيث وهطول الأمطار بعد الجفاف واندثار العيون ونضوب الآبار وجفافها وموت النخيل واقفة وموت بقية الأشجار، واحتياج الإنسان والحيوان للماء سر الحياة، وكل ما حل علينا وقت هطول الأمطار في مملكتنا الغالية ترتبط أذهاننا بأخطار الأمطار والسيول الجارفة، وأذهان أبنائنا يرتبط بها تعليق الدراسة، وبدلا من حرص الأبناء على الدراسة يتحينون الفرص لأخذ الإجازات للابتعاد عنها.

 قد نجد العذر لمن يسكنون في المحافظات والقرى والهجر النائية وخاصة التي على ضفاف الأودية وأعالي الجبال التي قد تنحدر منها السيول والذين يجب عليهم أخذ الحيطة والحذر عند هطول الأمطار، ولكن بالنسبة للمدن نجد السبب البنية التحتية، وقد أرعبت المواطنين والمقيمين تلك الأحداث التي تصاحب الأمطار كأحداث جدة والرياض، وفي الأمطار الأخيرة مشاهد من بريدة وغيرها من مدن المملكة التي تفتقد إلى تصريف السيول.

 قد تنكشف عيوب البلديات والتخطيط السليم عند هطول الأمطار وامتلاء الشوارع بالمياه وغرق المدن، وما أكثر العبر وما أقل الاعتبار، كما قال الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كانت هناك عبر سابقة كغرق جدة ولكن لم تتخذ الاحتياطات حتى في الأحياء الجديدة في المدن مما يدل على ضعف التخطيط وعشوائية البناء.

 في عام 1999 غمرت مياه الأمطار بعض المدن الماليزية إلى حد استٌنفرت فيها أجهزة الدولة لمعالجة المشكلة التي كانت الأولى حينها نظرا لارتفاع منسوب المياه إلى حد غير مسبوق، فجاءت ولادة مشروع النفق الذكي، نفق سمارات الذي يعتبر الأول والأوحد في العالم ويفتخر الماليزيون به أيما افتخار، فهو ليس فقط هيكلا أسمنتيا مسلحا يضاف إلى رصيد الإنسان والمكان في ماليزيا، بل رمز لاهتمام المسؤول بقيمة الفرد والسعي إلى توفير البيئة المناسبة لنموه ورقيه وراحته.

النفق ذكي لكونه ثنائي الغرض فهو يستخدم كوسيلة مواصلات للسيارات والمركبات لحل مشكلة الازدحام ولكنه يغلق في حال نزول الأمطار ليعمل كمجمع للمياه التي تصب فيه عبر منافذ موصولة من أماكن مختلفة في المدينة.

وعلى أطراف النفق خزانات تجميع حيث يفرغ فيها النفق المياه ليتم استخدامها في أغراض أخرى.. فلماذا لم نستفد من تلك التجارب الدولية الناجحة ونعمل على إنشاء الإنفاق لتصريف المياه من المدن حتى لا ينقطع العمل ولا يتم تعليق الدراسة في مدارسنا حتى لو استمرت الأمطار طيلة أيام الدراسة؟.. هذا ما أردت توضيحه.