برأ الدكتور يوسف الأحمد، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام، نفسه من التهمة التي ألصقها به كتاب الصحف الذين وصفهم بالمنتكسين والمنحرفين ورمى الكرة في ملعب وزارة التربية والتعليم التي كلفته بالمشاركة في تأليف ثمانية وعشرين كتابا دراسيا لمنهج الفقه، وأكد في محاضرته في "أحدية الرشيد" أنه لازال عضوا في لجنة المناهج الدراسية، ومنذ ست سنوات، وكلما حاول الإعتذار من "الإخوان" في الوزارة، نظرا لانشغاله، يجددون له بإلحاح.

الواضح أن الأحمد يقصد بالإلحاح الرجاء والتوسل الذي يصل حد الإلزام، وطلب الفزعة، وكأنه يملك عصى سحريا "وما في البلد إلا هذا الولد".

المسألة بهذه الصورة، تكشف عن طريقة انتقائية متعمدة من قبل لجان المناهج في الوزارة لاختيار من يشاركون في تأليف مقررات أبنائنا الطلاب في المدارس. طريقة لاتقوم على الأسس العلمية التي تقتضي بأن لايتصدى لتأليف المقررات الدراسية إلا المختصون التربويون الذين كلف ابتعاثهم لأرقى الجامعات العالمية والسعودية للحصول على الشهادات العالية الملايين. لكن المختصين غادروا الوزارة بصورة جماعية، متوجهين للجامعات منذ عهد الوزير السابق وفريق عمله الذين يتحملون نتائج تفريطهم بكفاءات نادرة، قادرة على تخطيط المناهج وتصميمها وصياغة أهدافها، واختيار محتواها وتضمينها بالأنشطة والتدريبات والاختبارات التطبيقية، ودمج مهارات التفكير في محتوى المنهج.

لاحظ أنها مهارات احترافية لاتكتسب إلا بالتدريب المستمر، فهل من يستقطبون من الجامعات ودور العبادة يمتلكون تلك المهارات؟

الواقع المرير، يبوح بعكس هذا الافتراض، وكلام الأحمد يكشف النقاب عن حالة الفوضى والعشوائية في لجان تطوير المناهج، فهي لا تعتمد على الدراسات العلمية للتعرف على احتياجات الطلاب، ولا تواكب التطورات والمستجدات، وأكبر دليل على قولي أن المناهج مازالت تضمن موضوعات لاتمت إلى الواقع بصلة، ولا يمكن تطبيقها، وتدرس للأجيال من سنوات طويلة.

تأليف المقررات حاليا، عبارة عن "قص ولزق"، وخذ من هنا، وضع هنا، ليتساوى كلاهما، وجمع المعلومات من كل عضو، وحشرها بين دفتي الكتاب المدرسي، والدفع بها للمطابع ليتم إخراجها بطباعة أنيقة وعلى ورق فاخر.

تأليف المقررات صنعة، فدعوها لمن يتقنها. اتركوها للتربويين، معلمين ومشرفين ومختصين في المناهج، فهذه مهنتهم ياشيخ يوسف، وليس من المعقول أن تسيطروا على كل شيء، وتذكر العبارة التي ترددونها دائما في معرض ردودكم على مخالفيكم "من أفتى في غير فنه جاء بالعجائب".