هناك تضليل كبير يوهم الناس بأن الحياة بعد الموت في جنات وفردوس مضمونة لكل من يموت مدافعا عن طائفته وقوميته، حتى لو قتل الأبرياء وأشعل فتيل الفتنة.

وربما لا تجدي أية استعدادات أمنية مع حالات العنف التي تستدعي البحث عن أدوات أخرى موجودة يقينا إن أردنا أن نوقف العنف الطائفي، وهو عنف مرجعه الأساسي والمحرك له مرجع ديني بحت عند كل من الأطراف المتأهبة للعنف.

لا يمكننا أن نتغاضى عن كوننا نمر حاليا بمنعطف خطير يحاول بث الفتنة الطائفية وإشعال فتيل الصراع الطائفي الشيعي السني. والمناوشات التي طالت الحسينيات في سيهات وفي أماكن متفرقة من قبل لهي مؤشر عميق على تأجيج الفتنة.

من المؤكد أن القيادات الأمنية سيقفون بكل ثقلهم في مواجهة هذا النوع من العنف المثير للفتن والخراب إلا أنهم كمن يطفئ الحريق من الخارج بينما الداخل يشتعل، هذا الداخل هو الكراهية التي تقوم على مرجعيات، الكل بات يعلم أصولها والقائمين على ترويجها ورموزها إلى حد المجاهرة بها.

هناك كثير من الشواهد التي تنتهج العنف وتروج للقتل الجماعي الشامل للمخالفين في المعتقد، وهناك أيضا الكثير الذين يحملون تلك الشواهد ويضيفون عليها من آرائهم ويخلطون الأمور ليحققوا أهدافهم العدوانية غير المشروعة.

لذلك لا بد أن يراجع كل إنسان متدين مدى صحة قبوله لتلك الأفكار، ولا يكتفي بكثرة المحللين لهذا الفعل، بل عليه أن يبحث عن حقيقة هذا الأمر في أصول دينه قبل أن يقتنع بتلك الفكرة الخطيرة بجواز استخدام السلاح للقضاء على المخالفين لمنهجه، لأن القضية خطيرة جدا، فهو وأمثاله ليسوا إلا وقودا لدمار كبير من خلال خدعة كبرى تقدم باسم الدين.

إن فكرة الثواب والمرجعية في قتل المخالفين هي النواة التي يعتمد عليها أصحاب هذا التوجه المدمر، فيضيفون إليها مغريات تجعل أتباعهم يرغبون في الموت مهما كانت وحشيته، والسؤال الذي يغيب عن أذهانهم، هل الطرق التي ينتهجونها لقتل الأبرياء سيكون الله راضيا عنها وعن طريقة موتهم؟.