أرجعت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية ارتفاع منسوب المياه الجوفية في عدد من أحياء جدة إلى صعوبة تنفيذ الحلول الدائمة، ونصحت باعتماد ستة حلول مرنة وبديلة لمواجهة المشكلة.

من جانبه، أكد رئيس قسم المياه في الهيئة الدكتور أحمد باصمد لـ"الوطن" أن عدم التزامن والتوافق بين التوسعين الأفقي والرأسي للعروس، وما يلزمهما من توسع في شبكة الصرف الصحي، أدى إلى نشوء ظاهرة ارتفاع منسوب المياه الجوفية، نتيجة التغذية المباشرة للمياه الجوفية في المياه العادمة، مما ساعد على تفاقم المشكلة، إضافة إلى تغير اتجاهات التصريف الطبيعي للأودية نحو البحر الأحمر، وانغلاقه نتيجة التوسع العمراني، علاوة على طبيعة التكوينات الجيولوجية في المدينة التي يتميز بعضها بنفاذية وخاصية تصريف متدنية مترافقة مع سماكة قليلة من الرسوبيات.




عدت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بحيرة الصرف الصحي شرق جدة قبل تجفيفها، أحد الأسباب التي ساهمت في ارتفاع منسوب المياه الجوفية في أحياء العروس، الأمر الذي أدى إلى اختلاطها بخزانات المنازل، وفشل محاولات المواطنين في سحبها بالطريق التقليدية، ووقف التسريبات إلى خزانات المياه، ونصحت باعتماد نحو ستة حلول مرنة وبديلة لمواجهة تلك المشكلة، عوضا عن الحلول الدائمة التي رأت صعوبة في تنفيذها.


التوسع الأفقي والرأسي

أكد رئيس قسم المياه بهيئة المساحة الجيولوجية السعودية الدكتور أحمد باصمد لـ"الوطن" أن بحيرة الصرف الصحي شرق جدة، واحدة من عدة أسباب ساهمت في ارتفاع منسوب المياه الجوفية، وقال: أدى عدم التزامن والتوافق بين التوسع الأفقي والرأسي لمدينة جدة وما يلزمهما من توسع في شبكة الصرف الصحي، إلى نشوء ظاهرة ارتفاع منسوب المياه الجوفية نتيجة التغذية المباشرة للمياه الجوفية بالمياه العادمة، مما ساعد على تفاقم المشكلة، إضافة إلى تغير اتجاهات التصريف الطبيعي للأودية نحو البحر الأحمر وانغلاقه نتيجة التوسع العمراني، وكذلك إنشاء الشوارع خصوصا الموازية لساحل البحر، هذا إضافة إلى طبيعة التكوينات الجيولوجية في المدينة والتي يتميز بعضها بنفاذية وخاصية تصريف متدنية مترافقة مع سماكة قليلة من الرسوبيات.


 


دراسات

بين باصمد أنه تم خلال العقدين الماضيين عمل عدة بحوث عن ارتفاع منسوب المياه الجوفية في مدينة جدة من فرق مختلفة، وظهرت أول دراسة عام 1985 لصالح مصلحة المياه والصرف الصحي، وتم إعداد التقرير من أعضاء هيئة التدريس في كلية الهندسة المدنية، جامعة الملك عبدالعزيز، وهي دراسة مستفيضة ومفصلة من الناحية الهندسية، وخرجت بمقترح نهائي شمل التصريف الأفقي والعامودي (آبار)، وتم تطبيق التصريف الأفقي في بعض الأحياء، ومنذ ذلك الوقت تضاعف سكان المدينة لأكثر من ضعفين، وبلغ التمدد الأفقي للعمران أربعة أضعاف، ولذلك فإن هذا التقرير لم يعد يغطي مدينة جدة بامتدادها الحالي، والدراسة بذلك أصبحت محدودة الفائدة لحل مشكلة ارتفاع منسوب المياه التي أصبحت أكثر كثافة وتعقيدا.


 


نقص العينات

لفت باصمد إلى أنه تم إعداد دراسة من جامعة الملك عبدالعزيز، كلية علوم الأرض - قسم الهيدروجيولوجيا ـ ركزت على النواحي الهيدرولوجية، المناخية، الهيدروجيلوجية والخواص الهيدروكيميائية للمياه الجوفية للمناطق المأهولة من مدينة جدة، ورغم شمولها للأجزاء الجنوبية من المدينة إلا أنه لم يؤخذ عدد كاف من العينات والمواقع في الجزء الشمالي للمدينة، وتحوي هذه الدراسة معلومات أساسية، ولكنها لا تشمل مقترحات أو حلول هيدروجيولوجية حول مراقبة منسوب المياه الجوفية، وقال: مراقبة منسوب المياه الجوفية شمل فقط الآبار القائمة وأضعف من إمكانية مراقبة شاملة لمشكلة ارتفاع منسوب المياه الجوفية في كل مناطق المدينة، كما تم أيضاً اقتراح وجوب القيام بدراسة تحت سطحية تشمل مساحة جيوفيزيائية مكثفة وحفر آبار لزيادة معرفة الوضع الهيدروجيولوجي في المنطقة.


 


التغيرات الهيدروكيميائية

قال باصمد: قامت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بعمل دراسة للتغيرات الهيدروكيميائية الطارئة على منطقة جدة وإعداد خرائط لمنسوب المياه الجوفية والمناطق المتأثرة بارتفاعه، ورسم الحوض المائي لمدينة جدة ودراسة أسباب ارتفاع منسوب المياه الجوفية في مدينة جدة بشكل عام، وتحديد نسب الارتفاع السنوية، وتمحورت الدراسة في: تقييم الوضع المائي ودراسة ارتفاع منسوب المياه الجوفية بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، دراسة أسباب ارتفاع منسوب المياه الجوفية تحت كبري بريمان، دراسة ارتفاع منسوب المياه الجوفية في أحد المواقع بحي الفيصلية، دراسة أسباب ارتفاع منسوب المياه الجوفية في أحد المستودعات التجارية على طريق المدينة، دراسة ارتفاع منسوب المياه الجوفية في عدد من المباني الخاصة.

وذكر أنه تم في جميع الدراسات المذكورة اقتراح عدة حلول من ضمنها إنشاء شبكة صرف صحي دون وضع أية تقديرات حسابية.


 


حلول بديلة

لخص باصمد الحلول في إعادة تقويم الدراسات السابقة وتحديثها لتغطية المدينة باتساعها الحالي بدراسة الوحدات الهيدروجيولوجية كالأحواض السطحية وتحت السطحية والجيولوجيا تحت السطحية، إضافة إلى مراقبة وتخطيط حلول مرنة وبديلة تتلاءم مع الأوضاع المختلفة في مناطق المدينة على أساس حلول جزئية تؤدي بمجموعها إلى حل شامل، وذلك من خلال تنفيذ مقترح هيئة المساحة الجيولوجية السعودية الذي تقدمت به في السابق بإكمال الأعمال التي ورد ذكرها لتشمل الامتداد العمراني الحالي للمدينة.

وأكد باصمد أنه سيكون الهدف الرئيس هو مراقبة تخطيط واقتراح حلول مرنة وبديلة في المناطق المختلفة للمدينة بدلا من الحل الشامل الصعب التنفيذ، إضافة إلى رسم الخرائط التوضيحية لمنسوب المياه الجوفية وأعماقها، إضافة إلى خرائط توضح اتجاه تفاقم المشكلة عبر السنوات الماضية واتجاهها المستقبلي، ويتم التعامل مع مشاكل المياه الجوفية باعتبار الأحواض الفرعية لكل واد، إضافة إلى إمكانية تطوير برنامج حاسب آلي لإدارة ارتفاع منسوب المياه في مدينة جدة، وذلك على أساس حلول جزئية تتلاءم مع معطيات كل منطقة وتؤدي بمجموعها إلى حل شامل.