والعنوان بعاليه، حق ملكية فكرية للصديق الساخر، محمد السحيمي، وكان له معه قفلة مقال خلط فيه، وعلى مقاديره، ما بين الجاد وبين الساخر. لكن "المصطلح" الجملة سيصبح مع الزمن مثلاُ تسير به الركبان. كنت ظهر الأربعاء في لقاء جانبي حميم، وفي بهو الديوان الملكي مع صديق "عنيزي" عرفته منذ أيام "أبوفهد" في إمارة الرياض. أنهيت لقائي القصير معه لأعود إلى مقعدي بجوار بعض الزملاء الكتاب، وفوراً يسألني الصديق، الكاتب "البريداوي" اللامع: ماذا كنت تطلب منه؟ أجبته فوراً (استعينوا على قضاء حوائجكم بالقصمان).
هنا بعض المشاهد في بعض مفاصل حياتي الجوهرية التي أعترف فيها لرجال القصيم الغالية بشيء من الامتنان والفضل. أول توقيع أضاء لي طريق حياتي كان لأستاذ جامعي من "البكيرية" وهو ينهي بسطوته قرار تعييني معيداً بجامعة الملك سعود. لا زلت أتذكر أنه أنهى في عشرين دقيقة كل البيروقراطية التي ركضت من أجلها عشرين يوماً بين عشرات المكاتب في ذات الجامعة. لا زلت أتذكر، بل أحتفظ حتى اليوم بقرار ابتعاثي إلى الولايات المتحدة وهو المدموغ بقرار أستاذ جامعي آخر، ومن ذات القصيم، وسافرت بعد توقيعه مباشرة في الأسبوع التالي مباشرة بعد جولات تسويف ومماطلة كان أبطالها موظفي البيروقراطية من "بلدياتي" الذين لم يفهموا من الوظيفة سوى خطورة التوقيع وحفظ القوانين والتعاميم والأنظمة. أول من استقبلني في ولاية جورجيا الأميركية لم يكن سوى الأخ الحاضر الغائب، البروفيسور، عبدالرحمن العبيد، أكلت في شقته الضيقة أول وجبة على الأرض الأميركية، ونمت على كنبة صالونه، وحين استيقظت في الصباح لم أجد حولي "أبا محمد" ولا أيا من عائلته الصغيرة. انتظرت على ذات "الكنبة" لساعات قبل أن يأتيني هاشاً باشاً لينقل البشارة: "أبشرك يا وجه السعد جانا اليوم ولد". أول من اشترى لي سيارة في أيام الغربة الأميركية لم يكن سوى التقي الضاحك، الدكتور عبدالرحمن المهنا أبا الخيل، ودفع ثمنها "كاشاً" من حسابه الفقير، آنذاك، في انتظار حوالة أشقائي إلى حسابي الأميركي، ويومها كانت الحوالة أوراقاً بيروقراطية قد تستغرق أكثر من شهر.
والخلاصة أن المساحة قليلة جداً جداً لكتابة عشرات المشاهد الأخرى التي عشتها بشكل شخصي مع الأصدقاء "القصمان"، وكل هذه القصص قد تجيب على السؤال الذي يتردد على كل لسان وطني: لماذا سيطر "القصمان" على المشهد الإداري الوطني؟ وفي الجواب الوحيد: إنها شخصية البال الواسع والأفق البعيد. القصيمي قد يزرع شجرة في كولورادو ليجني ثمارها في الرس. انتهت المساحة.