غادة بنت مطلق عبدالرحمن المطيري. الفتاة السعودية بنت قبيلة مطير الحائزة على أرفع جائزة للبحث العلمي في أميركا. خرجت من هذه الأرض وملأت الأرض علماً وإبداعاً وتميزاً، وفخرنا بها يزداد مع كل إنجاز جديد لها.

في آخر إنجاز علمي انتشر في مقطع فيديو قصير تداولته وسائل التواصل الاجتماعي؛ خرجت لنا غادة المطيري وهي في مسرح ضخم تشرح لنا بكل ثقة وعلم وقوة -وهي ترتدي ذاك الفستان الأسود الذي كسا جسدها بكل احترام وبكل ثقة وبكل جرأة محمودة وبكل قوة في الطرح والعرض- تحدثت لنا بلغتها الإنجليزية والعلمية المتميزة عن إنجاز جديد يضاف إلى إنجازاتها العلمية.

لقد استطاعت المطيري باختصار اكتشاف معدن يمكن أشعة الضوء من الدخول إلى جسم الإنسان في رقائق تسمى (الفوتون)، وهو الإنجاز الذي بهر العالم وتناقلته وسائل الإعلام الغربية قبل العربية.

بعيداً عن الدخول في مسار بحثها العلمي وأثره ونتائجه فلا بد أنه إضافة نوعية وعلمية، ولكن حديثي عن بنت قبيلة مطير التي خرجت إلى العالم وشغلت الناس بالحديث عن إنجازاتها. فقد تابعت خلال الأسابيع الماضية ما لا يقل عن 100 تغريدة كتبت عنها، ولم أجد تغريدة قيلت في حقها انتقصت منها ومن عملها، وقد شارك ما لا يقل عن 2500 حساب في إعادة التغريد عن تغريدات كتبت عنها بكلمات من ذهب من قبل حسابات ختمت أسماء أصحابها بلقب قبيلة (المطيري)، وهي القبيلة ذاتها التي تنتسب لها العالمة غادة.

بحثي المتواضع عبر وسيلة واحدة وهي (تويتر) يعكس حقيقة لا يختلف عليها اثنان، وهي أن غادة المطيري: (كائن حر يتنفس الحرية والعمل والعلم والإبداع بعيداً عن كل تقاليدنا البالية تلك التي أوقفت وكبلت وأعاقت الكثيرات).

ولنناقش بشيء من الشفافية وجود غادة المطيري خارج أرض الوطن وكونها درست وتخرجت وعملت وأنجزت هناك، وقد حصلت المطيري على التالي: "نالت أرفع جائزة للبحث العلمي في أميركا، على اكتشافاتها واختراعاتها والتي تحل محل العمليات الجراحية، كما حازت غادة المطيري أيضاً على 3 ملايين دولار أميركي، كمبلغ يخصص لمتابعة البحوث في الجامعة، حيث ستعمل على تطوير اكتشافها الذي يرقى إلى تغيير جذري في وسائل التطبيب باستعمال الفوتون الموجّه لتحاشي العمليات الجراحية". بكل أمانة ما هو الدعم المقدم للمتميزين هنا؟ وكيف تتم تنمية إبداعاتهم ومن يساندهم سواء كانوا رجالا أو نساء؟ إضافة إلى العوائق الاجتماعية والإشكاليات التي ترافق وتقزم إنجازات غادة ومثيلاتها غير المثقلات بقيود القبيلة والعرف والعادات والتقاليد.

وماذا لو ظل تواجدها داخل أسوار أعرافنا وظهرت بما ظهرت به غادة في عرضها لبحثها؟ سيقال عنها أولا، وقبل كل شيء، إنها خارجة عن كل الأخلاق والقيم والأعراف، لمخالفتها اللباس الشرعي وإشكاليات يطول الحديث عنها.

ولنا في قصص تكافؤ النسب ما يشيب له الرأس من سلب الحرية والتدخل في شؤون الناس.

وبكل بساطة ما يحدث هو التناقض الذي يعيشه المجتمع ويمارسه في كل شؤون حياته. يمارس الأفراد الوصاية بعضهم على بعض.. تجدهم في بلادهم أفراد غير هؤلاء الذين تقابلهم في السفر. تختلف أفكارهم ومبادئهم وحتى آراؤهم.

كما أنني أكاد أجزم بأن الكثير من أولئك الذي غردوا وصفقوا لغادة يتعاملون مع نسائهم بشكل مختلف، سواء فيما يتعلق بالحجاب أو الخروج للعلم والعمل أو حتى في التحدث عن أبسط حقوق المرأة المدنية ومنحها إياها.

فهل نقبل التناقض ونتعايش معه أو نرفضه ونغيره ولو بأفعالنا، وهذا أضعف الإيمان منا.