على بعد 100 كيلو متر من مدينة جدة باتجاه الجنوب الغربي لمحافظة جدة، حط وفد مكون من أكاديميين وإعلاميين وكتاب ومختصين بالتنمية المستدامة من جامعات عدة بالمنطقة رحالهم أول من أمس في مركز البيضاء التابع لمحافظة بحرة بمنطقة مكة المكرمة، بدعوة من إمارة منطقة مكة المكرمة للوقوف على مشروع تنمية وتطوير قرية البيضاء التي حظيت قبل أسبوع من الآن بزيارة أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، ووضع خلالها حجر الأساس إيذانا بالبدء في تنمية المركز للدفع به نحو الواجهة الأمامية للمنطقة في مشروع التنمية المستدامة الذي أطلقه قبل 3 سنوات.
مشروع وطني تنموي
تأكد للوفد الزائر صحة ما قاله الفيصل خلال وضع حجر الأساس بأن هذا اليوم يعد يوما مميزا وغير عادي حيث إنه يتم الاحتفاء بمشروع وطني تنموي انطلق، ليكون نقطة تحول في مسيرة التنمية لهذه المنطقة، وأن هذا المشروع يمثل إبداعا مميزا حيث قام على أيدي أبناء القرية نفسها، حيث إنهم يقومون بإدارة المشروع، وبدور العاملين فيه من المزارعين والبنائين والمخططين والمنفذين، وربطه لحسن تنفيذ المشروع بما تشهده إمارة منطقة مكة المكرمة من هيكلة جديدة، استحدثت فيها وكالة مساعدة للتنمية في بادرة تعد الأولى من نوعها في المناطق.
وقف الوفد على المشروع واستمع لشرح كامل عن أدق تفاصيله من قبل القائمين عليه كونه المشروع الأول من نوعه على مستوى المنطقة والمملكة من حيث الفكرة والإمكانات والتميز في إحداث تمنية مستدامة لأبناء وبنات قرية البيضاء.
قرية نموذجية
كشف المدير العام لشركة "عمرانيون" المهندس محمد برهان سيف الدين مدير المكتب المصمم لمشروع تنمية وتطوير مركز البيضاء المتمثل في قرية البيضاء النموذجية في مرحلته الأولى لـ"الوطن" عن أن نسبة الإنجاز في البنية التحتية للمشروع وصلت إلى 70 % وتوقع الانتهاء منها بنسبة 100 % خلال 6 أشهر من الآن على مساحة تقدر بنحو مليون متر مربع، وبتكلفة إجمالية لمراحله الثلاث تقدر بنحو 500 مليون ريال، ويضم 267 وحدة سكنية في المرحلة الأولى تصل فيها مساحة الوحدة إلى 185 ألف متر مربع مع إمكانية إضافة دور علوي لكل وحدة حسب عدد الأسرة وتمددها المستقبلي.
وأشار إلى أن الجهة المطورة للمشروع هي جمعية البيضاء التعاونية الخيرية بصفتها المظلة التي يتم من خلالها التطوير التي خصصت الأرض لوزارة الإسكان حيث سيتم تمويل بناء الوحدات السكنية من قبل وزارة الإسكان من خلال قرض حسن تنفذ من خلاله الجمعية الوحدات السكنية، ومن ثم ستقوم بعملية المساهمة من قلبها إضافة إلى جمع التبرعات لتغطية التكاليف لإنشاء الوحدات السكنية.
تهيئة الموقع
أوضح برهان أن الجهات الحكومية شاركت مشاركة مباشرة في المشروع ممثلة في أمانة العاصمة المقدسة بتهيئة الموقع وشقها لعدد من الطرق المؤدية إليه فيما التزمت وزارة المياه بحفر بئرين في وادي البيضاء وإنشاء خزانين أرضية ومثلهما علوية لتغذية القرية بالمياه فيما مددت شركة الكهرباء شبكتها لكامل القرية من خلال إنشاء محطة للضغط المتوسط في الموقع تصلها الكهرباء من محطة الشعيبة لتحلية المياه، إضافة إلى مبنى للاتصالات السعودية. وفيما يخص المراكز الخدمية أشار برهان إلى أنه سيكون هناك مبنى للشؤون الاجتماعية إضافة إلى وزارة الشؤون الإسلامية وإمارة المنطقة وأمانة العاصمة المقدسة والدفاع المدني والهلال الأحمر ووزارة الصحة وشرطة العاصمة حيث خصص لكل جهة موقع على أرض المشروع. وحول مرتبات العاملين في المشروع أكد برهان أن رواتب العاملين في المشروع قد تكفلت بها الأميرة هيفاء الفيصل والأميرة نوف بنت فهد بن خالد من خلال جمعية البيضاء الخيرية.
قاعدة اقتصادية
أوضح المحامي والمستشار القانوني للمشروع كمال حسين شكري خلال العرض الذي اطلع عليه الوفد، أن المشروع واجه صعوبات تتخلص في عدم قدرة سكان قرية البيضاء على إدارة أراضيهم من الناحيتين النظامية والتقنية مما نتج عنه تدهور بيئي وتصحر في كل أرجاء المنطقة. وأشار إلى أن المشروع يهدف إلى تحقيق ابتكار قاعدة اقتصادية محلية جديدة تتلاءم مع البيئة الخاصة بالمنطقة، وتحقق العوائد الاجتماعية والمالية المستدامة للسكان، والتعاون مع الجهات الحكومية المعنية لتوفير خدمات الصحة العامة، الأمن، التعليم، السكن، البنية التحتية، التطوير والتأهيل المجتمعي، وتعليم وتدريب سكان البيضاء على مهارات إدارة جميع النظم التي ستسهم في تطوير مجتمعهم الحديث، ليكونوا قادرين على إعالة أنفسهم بجهودهم وأعمالهم الذاتية تحقيقا لمبدأ بناء الإنسان وتطوير المكان.
عمل تكاملي
أوضحت مديرة البرنامج في المشروع ميان الزواوي لـ"الوطن"، أن عملهم في المشروع بعد تحديد العوائق فيه تمثل في العمل التكاملي للنهوض بتطوير المنطقة من خلال ثلاثة محاور وهي الحرفية والصحية والتعليمية بصورة تكاملية متآزرة متوازنة وبطريقة تدريجية حتى تخدم بعضها البعض للوصول إلى النتائج المطلوبة. وبينت أنه تم الانطلاق من النواحي الحرفية لسكان البيضاء من خلال قسم الخياطة وقسم التطريز والأشغال اليدوية وقسم النسيج المنزلي الذي يتناسب مع طبيعة المكان وحاجة السكان، والنواحي الصحية حيث تم القيام بدراسة مبدئية لوضع تصور كلي ومتكامل لمنطقة البيضاء عام 2014 وذلك بالتعاون مع جمعية اكتفاء، وإعداد مقارنة واقعية لنتائج الدراسة خلال تنفيذ البرامج الصحية، وإنشاء شراكات مع القطاع العام والخاص لتوفير الخدمات الصحية اللازمة لسكان البيضاء.
ملفات صحية
حول البرامج التي تم إنشاؤها بمشاركة مستشفى جامعة الملك عبدالعزيز وعيادات كلية طب الأسنان المتنقلة، أكدت الزواوي أنه تم من خلالها معالجة 82 حالة، وفتح ملفات صحية لأهل منطقة البيضاء ابتداء من عام 2016، وتوفير السرر الكهربائية اللازمة للحالات الخاصة بمنطقة البيضاء، وكشف النظر لمجموعة سيدات ورجال بمنطقة البيضاء، وتوفير نظارات لمعالجة احتياج كل حالة، وعمل حملة كشف وتوعية لأمراض الضغط والسكر والتغذية.
وحول النواحي التعليمية أوضحت الزواوي، أنه سيتم تنفيذ برنامج محو الأمية من قبل جمعية الأمير ماجد للتنمية والخدمات الاجتماعية بمنطقة البيضاء لسهولة البرنامج وقصر مدته ابتداء من عام 2016