وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل مجتهد لا شك، وبرنامج "فطن" الذي أعلنت عنه الوزارة، لا شك – أيضاً – أنه فكرة رائعة من حيث المبدأ، لكنه – مع الأسف – عنوان فقط، وتعميم انطلق من مكتب الوزير، إلى مديري التعليم، إلى مديري المدارس، إلى المعلمين والمعلمات، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قرأت كثيراً من المقالات المؤيدة والمحتفية بالبرنامج، فذهبت اقرأ عنه وأبحث، ولم أجد سوى "الرؤية والرسالة والأهداف ونشيد "فطن"، وبعض الفيديوهات التي انتجتها بعض المدارس والمعلمات، وكلها – ولله الحمد – مع النشيد بدون موسيقى، فقط همهمات مصاحبة".

تأملت في الرؤية والرسالة والأهداف، وكلها لا تتجاوز عشرة أسطر، ووجدتها رائعة وجميلة ومتميزة، وبحثت لعلني أجد شيئاً يفصل تلك الرؤية والرسالة والأهداف، ويحولها إلى خطط تنفيذية يلتزم الجميع بتنفيذها وفق آليات وبرامج محددة واضحة، لكن – مع الأسف أيضاً – لم أجد شيئاً من هذا، فاتصلت بمديري ومديرات مدارس، ومعلمين ومعلمات ممن أعرفهم أو من أقاربي، فقالوا: وصلنا التعميم فقط، ولا شيء غير ذلك، وسألت: كيف ستنفذون البرنامج، قالوا: سنجتهد. حسناً، اجتهدوا أعانكم الله.

سيجتهد المعلمون والمعلمات في التطبيق، ومن الطبيعي أن الكل مجمع على ضرورة التحذير من المخدرات، وبعض السلوكيات الأخرى الضارة مثل عدم النظافة وعدم الالتزام بالنظام ونحو ذلك، لكن ماذا عن الأفكار المنحرفة؟ هل هي التطرف والتشدد والتكفير الذي يقود إلى الإرهاب الآخر المختلف معنا في العقيدة أو المذهب أو الجنس أو اللون أو الذي يشاهد برامج "الكارتون" وألعاب الفيديو، والمسلسلات، والأفلام؟ هل هي تكريس "وطني الإسلام" وليس السعودية؟ هل هي تحريم سماع السلام الملكي والنشيد الوطني والأغنيات الوطنية لأن فيها موسيقى؟ هل، وهل، وكل ما أوردته هنا أمثلة تتردد وتتكرس في داخل المدارس وبجهود معلمين ومعلمات كثر، ولهذا، وقد تركت الوزارة خطط تنفيذ برنامج "فطن" لاجتهادهم، فهل تعتقد الوزارة أن الذين يكرسون تلك الأفكار المحرمة حتى للنشيد الوطني، سيناقضون ما هم عليه، ويعلمون الطلاب والطالبات ويقولون لهم: إن كل ما قلناه لكم خطأ، وأنكم من أجل أن تكونوا "فطنين" لا تصدقونا!!.

لا أدري. هل الوزير يعلم أن التطرف والتشدد يضرب بأطنابه بين ردهات معظم مدارس البنين والبنات، منذ زمن بعيد؟ أم أنه يؤمل أن يرعوي هؤلاء المعلمون والمعلمات والموجهون والموجهات من عند أنفسهم؟ يا معالي الوزير، جرب فقط، عمم على كل المدارس بنين وبنات في المملكة بإلزام كل مدرسة أن ترفع "علم المملكة" فوق مبناها، وأن تعتمد "السلام الملكي والنشيد الوطني" فقرة رئيسة في طابور الصباح يسمعه الجميع ويردد حروفه، وأن تعتمد كل مدرسة "الأغنيات الوطنية الرائدة" مثل "بلادي بلادي منار الهدى، ووطني الحبيب ولن أحب سواه، ويا بلادي واصلي، وفوق هام السحب" بحيث تكون يومياً مقاطع من كل أغنية منها فقرة ثابتة في برامج الإذاعة المدرسية وحفلات المدرسة، ضمن الفقرات الأخرى، ثم راقب من يطبق!؟ ودعك الآن من بقية الأفكار المنحرفة الأخرى التي لم يحددها "فطن"، فقط جرب يا معالي الوزير وأعلن النتيجة!! وبعدها أعدوا خططاً تنفيذية وآليات محددة إن لم تجدوا استجابة جيدة للتجربة أو اتركوها لاجتهاد المعلمين والمعلمات إن نجحت تجربتكم، ولعلني أكون مخطئاً فأتوب!!.