ثورة علاجية حقيقية هي تلك الحاصلة في علاجات التهاب الكبد الوبائي سي خلال العامين المنصرمين، ويتوقع أن تستمر خلال العامين المقبلين.
ولفهم ما يحدث حاليا في هذا المرض الذي يعتقد أن هناك أكثر من 130 مليون شخص في العالم مصابون به، منهم أكثر من 10 ملايين في مصر وتقريبا 100 إلى 200 ألف حالة في المملكة، يجب علينا الحديث قليلا عن المرض ذاته، وطرق انتقاله، والعلاجات التي كانت متاحة، ودور العلاجات الحديثة في الشفاء تماما من الفيروس.
تم اكتشاف الفيروس عام 1989، وانتشر بطريقة كبيرة في أوائل التسعينات بعد أن كان يعتقد أن فيروسات الكبد تقتصر على النوعين A وB، وينتقل الفيروس عادة عن طريق الدم كأهم طريقة، ولذلك يتم عادة فحص كل من تم نقل دم له قبل اكتشافه، أما الطرق الأخرى للانتقال هي عن طريق الإبر "سواء الطبية أو ما يستعمل للمخدرات"، وأيضا الأوشام.
وتعدّ تلك أهم طرق الانتقال، بينما انتقاله عن طريق الجنس، فيعدّ من الطرق النادرة، وإن كان ممكن الحدوث، وكذلك الانتقال خلال الولادة، وآخر طريقتين عادة ينتقل معها فيروس B وليس C. يمكن أن يعيش الفيروس أكثر من 20 عاما بالجسم دون ظهور أي أعراض مثله مثل كثير من أمراض الكبد الأخرى، لكنه مسؤول عن حالات كثيرة من تليف الكبد كما كان وما يزال السبب الأول لحاجة زراعة الكبد في العالم. ماذا تغير إذًا؟
إن علاجات هذا الفيروس مرت بمراحل متعددة من بداية التسعينات سواء باستخدام إبر الإنترفيرون وحدها في البداية، أو إضافة علاج الريبافيرين لها، وكان يعدّ ذلك العلاج حتى 2010 تقريبا وحتى 2014 في بعض الحالات والدول.
والمشكلة التي كنا نواجهها مع هذا العلاج، هو كمية الأعراض الجانبية الممكن الإصابة بها، وكانت تراوح بين الخمول والتعب الشديد إلى التأثير على كريات الدم ووظائف الكلى.
كل ذلك، بينما كانت نسبة الشفاء لا تتعدى 50?%، خصوصا في فصائل الفيروس الأشهر والأكثر انتشارا في المنطقة العربية الفصيلة رقم 4، ثم الفصيلة رقم 1 تباعا.
بعد ذلك، تم اكتشاف بعض العلاجات الممكن إضافتها إلى إنترفيرون، وريبافيرين، وكان اسمها تيلبريفير وبيسوبريفير، ومع عدم تحسن الأعراض الجانبية إلا أنها رفعت نسبة الشفاء في بعض الحالات إلى 75?% ورفعت نسبة الأمل لدى كثير من المرضى والأطباء.
لكن في نهاية 2013 بدأت نتائج الأبحاث عن أدوية تؤخذ بالحبوب دون الحاجة إلى إبر إنترفيرون، تظهر وكان أولها سوفوسبيفير "سوفالدي"، وكانت نسبة الشقاء معه تقارب 90?%، وكانت تلك هي بداية الثورة العلاجية الحقيقية.
وفي آخر عام ظهرت أدوية أخرى مثل: هارفوني، فيكيراكس، اكسفيرا، داكلاتاسيفير، وسيميبرفير، وكلها إذا تم استعمالها بالطريقة المناسبة وتحت إشراف صحيح تصل معها نسب الشفاء إلى أكثر من 95?%.
هذه الأدوية بدأت تتوافر في المملكة، لذلك فالشفاء ممكن وخلال 20 عاما من الآن، بإذن الله، سيأتي يوم نذكر فيه أن فيروس الكبد "سي" كان موجودا يوما ولم يعد كذلك.
* استشاري الجهاز الهضمي وأمراض وزراعة الكبد
بجامعة الملك عبدالعزيز
drmoutaz?@