من أسوأ التركات هي تَرِكة الأقوال المجتمعية الخاطئة، وكم من عبارات نرددها فتُزرع في العقل الباطن على أنها مسلمات وحقائق، وحاشا للعقلاء أن يقبلوا بذلك، وسأعطيكم أمثلة على بعضها. مثلا عبارة (القانون لا يحمي المغفلين)! لا أعرف من أول من قال هذه الجملة لكنه ولا شك مخطئ من رأسه حتى أخمص قدميه، فالقانون وُجد لحماية المغفل والدرويش قبل الذكي المتذاكي، القانون يا سادة (نظام) يحفظ الحق للأبله إن أخطأ تماما كما يحاسب ويعاقب الذكي إن سرق وأذنب، فمثل هذه العبارات تبرر للمجرم ارتكاب جريمته وتفترض جدلا أن المغفل يستحق أن يُضحك عليه!

تعالوا نناقش عبارة أخرى أشد قُبحاً وهي (إن سرقت اسرق جمل)! ما هذا الفساد المؤصل في التوجيه والتلقين المجتمعي؟ كيف نروج للسرقة بعبارة مستعارة يقصد بها أحدهم أن يقول للص (المستحدث) كُن لصاً كبيرا! العبارة الأخيرة الأكثر استفزازا (بيضة ما تداقش حجر) وهذا المثل بالذات أمقته بشدة فهو يعظم و(يُعملق) بعض الأقزام التي منحها الله سُلطة في العمل أو المنصب، فيعززون في عقول صغار الموظفين أن يصبروا ويصابروا إن وقع الظلم عليهم، فيمررون هذه العبارة لتثبيط صاحب الحق عن المطالبة بحقه، فيكون الخلل مزدوجا ففيه ضياع حق الضعيف وصُنع طغاة من ورق في الطرف الآخر يتمثلون في مدير متغطرس أو موظف متسلط أو حتى أحيانا زوج بائس يمارس دور الأسد في العمل وهو نعامة مطأطأة الرأس عند زوجته!

أعيدوا تقييم بعض العبارات التي ترددونها منذ أن كنتم صغارا، فلا ثابت إلا كلام الله. كونوا أقوياء في الحق ضعفاء بين يدي الله في صلاتكم وسجودكم.. فالحياة فيها العجب!