الموافقة على إصدار سجل الأسرة للنساء يعد خطوة رائدة ومهمة في مشوارهن، للحصول على تسهيلات إجرائية تكفل لهن ممارسة شؤونهن الأسرية دون وجود عراقيل تعجيزية تحد من فرصة تخطيهن الحواجز، وممارسة حياتهن وأبنائهن بنظامية توازي تلك التي تعطى لهم في حال كانوا تحت كنف الأب، كالتعليم وغيره من الاستحقاقات التي لا تقبل بديلا عن سجل الأب وإثباتاته الشخصية -سجل الأسرة، بطاقة أحوال- والتي ربما يتحفظ عليها الأب نكاية في الأم المسكينة التي آثرت حضانة أبنائها على حياة أخرى ربما تعوضها شيئا من عذابات زواج سابق.

ومن عايش أولئك المكلومات اللاتي يتسولن المساعدة في تسهيل دخول أبنائهن المدارس أو شمولهن برعاية الضمان الاجتماعي أو الجمعيات الخيرية، يلمس مدى المعاناة التي يتكبدنها، خصوصا أن أغلب الأنظمة لا تتساهل في أمر الإجراءات إلا في حال وجدت الأوراق الثبوتية البديلة، وعلى رأسها صك الإعالة والذي بموجبة يثبت أن هذه السيدة هي من ترعى أبناءها وتتحمل مسؤولية النفقة بعد أن تخلى الأب عن ذلك، والوضع هنا أرحم قليلا من ذلك الأب الذي لا ينفق ويقف حائلا دون حصول الأم على ما يثبت إنفاقها على الأبناء لتحظى بالمساعدة من أي من الجهات المانحة. وبطبيعة الحال ليست هذه وحدها المعضلة، فهناك أيضا مرافقة الأم في السفر لأي غرض كان يتطلب إثباتات الأب.

الحقيقة، أن هذا الإجراء يعد قفزة مهمة وإنجازا، ولكن الواجب يحتم علينا العرفان بجهود الدكتورة لطيفة الشعلان، والتي وقفت بشجاعة وإصرار في سبيل أن يرى هذا المشروع النور، ونظير جهدها كال لها البعض بمكيال النقد الخارج عن الذوق، ممن يتبنون الآراء القمعية والمجحفة في حق المرأة، ويتوارون عن رؤية من يطرقن الأبواب للمساعدة ماسكين اليد واللسان عن فعل وقول الحق، جهدهم ينصب على النعيق وتهويل كل إجراء يصب في مصلحة المرأة، متهمين التغريب المتخيل في عقولهم بأنه الأداة التي تحرك النساء، ولا ندري حقيقة أين يعيش هؤلاء في ظل معطيات العلم والتطور التي ساعدت على بناء شخصية الإنسان -رجلا وامرأة- وبصرته بحقوقه التي يفترض أن تعطى له دون أن يريق ماء وجهه للحصول عليها.