أولا: تهنئة خاصة أوجهها للزميلة "عكاظ"، جمعية عمومية، ورئيسا وأعضاء مجلس إدارة وتحريرا وإدارة على "مباشرة" الزميل المهني النابه "ابن الطائف وخريج جامعات عريقة بريطانية بكالوريوس وماجستير" المسمى جوازا "جميل الذيابي"، ووجوبا "الصحفي المقلق المتألق"، وقد خصصت "المباشرة" تحديدا متعمدا، لأنني –كما أظن– كنت من أوائل من هنأه في رمضان الماضي، إن لم أكن أولهم، وفي اليوم التالي هنأت الزميل "محمد الفال" الذي بات ذلك اليوم منتظرا "متى يباشر جميل" وأصبح رئيسا للتحرير، وغاب "الذيابي" عن الصورة والهاتف، حتى ظننت أنه أصبح من شهداء "المهنة"، لولا أنني بدأت أقرأ مقالاته الأسبوعية العميقة في صحيفة "الوطن" التي أردت أن أهنئها هي الأخرى بقدوم "عثمان الصيني" إليها قبل ذلك، لكنه أبى، ملتزما بسياسة كان هو أحد راسميها أيام تأسيسها وصدورها بتحريم نشر أي ثناء عليها أو على أي من العاملين فيها.

قرأت المقال الأول الذي كتبه "الذيابي" يوم الخميس، وقد أسعدني كثيرا وفاؤه "النادر" لمن سبقوه على كرسي رئاسة التحرير "الساخن البارد في ذات الوقت" ابتداء من المؤسس الرائد الأستاذ أحمد عبدالغفور عطار، حتى يوم مباشرته، خاصة أستاذي الكبير هاشم عبده هاشم، فأنا خريج مدرسة "عكاظ" التي تعلمت فيها الصحافة وأسرارها من الألف إلى الياء، وتلميذ "هاشم" شخصيا، الذي دفعني إلى المقدمة حتى أصبحت نائبا لرئيس التحرير، وموضع ثقته واعتماده واطمئنانه قبل أن أغادرها رئيسا لتحرير "البلاد"، ومؤسسا ضمن كوكبة صحفية من الجنسين لصحيفتي "الوطن" ثم "الشرق"، وقد قفزت "عكاظ" في عهده قفزات هائلة، فحين جاء إلى رئاسة التحرير كانت صحيفة "المدينة"، تتسيد المقدمة بقيادة أحمد محمود، ومعها في الصدارة "صحيفة الجزيرة" بقيادة خالد المالك في مرحلة رئاسته الأولى، ولم تمض 5 أو 6 سنوات تقريبا حتى أصبحت "عكاظ" الأولى على مستوى المملكة كلها دون منازع، إذ كانت على مستوى الطرح الصحفي بكل أشكاله متفوقة متصدرة، ولم يكن يعيبها سوى بعض الضعف في "الرأي" لتواضع مستوى الكُتاب والكاتبات غالبا من جهة، ومن جهة أخرى شدة ومبالغة حساسية الرقابة الصارمة، وقد كنت على مدار أكثر من 10 سنوات مسؤولا عن إجازة المقالات فيها، والتواصل مع كُتابها وكاتباتها، وكانوا يعانون معاناة شديدة معي، وأنا أعاني –أيضا– في سبيل إقناعهم أن لدي أُطرا ومحددات لا بد من تطبيقها، بغض النظر عن قناعاتي.

وفي فترة معينة، خاصة بعد تعيينات مجلس الشورى في أولى دوراته، انقض علينا أصحاب "الدال" من كل حدب وصوب، حتى أسماها الزميل "داود الشريان" في مقال شهير آنذاك "حقبة الدكاترة"، وكنت –بلا مبالغة– لا أستطيع قراءة خطوط معظمهم من كثرة الأخطاء، وبعضهم يكتب المبتدأ ثم لا تجد له خبرا حتى ينتهي المقال، ومع ذلك كنت –بحكم العمل– أرقع، وأنشر، وأتذكر أن أحد هؤلاء الدكاترة أراد أن ينشر مقاله الأسبوعي مُترجما إلى الإنجليزية في "سعودي جازيت"، ليتم نشره فيها في نفس يوم نشره في "عكاظ" لكن الأستاذ "رضا لاري" رئيس تحرير الصحيفة آنذاك، مزقه ورماه في "سلة المهملات" أمامه وقال له: مثل هذا ينشر في هذه السلة! وهناك قصص وطرائف آمل أن تصدر في كتاب مذكرات مستقل قريبا.

"عكاظ" منذ أن غادرها أستاذنا "هاشم" في المرة الأولى قبل نحو 8 سنوات، غادرتها المهنية تدريجيا، وجاء الزميل المهني القدير "محمد التونسي" وكانت له محاولات موفقة، لكن لم يطل به الوقت حتى أزاحه "الكيد" السري والعلني، فاستمرت الصحيفة بسرعة في التواضع، صحيح أنها ما زالت في المركز الأول بين الصحف السعودية –نظرا لمجدها القديم– وذلك بفارق بسيط مع صحيفة "الوطن" التي بدأت القفز نحو المقدمة، لكن معظم الصحف الورقية في تراجع –وهذا ليس رأيا بل معلومات دقيقة- ليس بسبب ما يقال عن وجود الشبكة الإلكترونية، مع عدم إغفال تأثيرها القوي، لكن السبب الأهم هو ضعف المهنية الواضح الفاضح، لدرجة أنني لو قلت مجموع مبيعات الصحف السعودية كلها لفجعت المسؤولين فيها، خاصة الذين لا يطلعون على بيانات شركة التوزيع الدقيقة اليومية، وهي مخجلة جدا!

"عكاظ" الآن فيها نخبة من أهم الكُتاب والكاتبات في المملكة، والخليج، بل والوطن العربي –ولا أريد أن أسميهم فهم كثر- وفيها كُتاب وكاتبات يمكن اعتبارهم "كمالة عدد"، وبعضهم ضار للصحيفة والوطن والعقل، ومثلهم كثر في صحف كثيرة، أمّا باقي موادها الصحفية فلا تلفت النظر من زمان، ولهذا فإن مهمة الزميل "الذيابي" صعبة وشاقة كثيرا، لكن مما يذللها أمامه إمكانات "عكاظ" المادية الجيدة، التي ستساعده –حتما– في إرضاء عدد -لا بأس به- من قيادييها ومحرريها وتوديعهم بالتقدير، واستقطاب كفاءات شابة من الجنسين تتدرب في مدرسة "جميل" كما فعل في "الحياة"، ومثل ذلك لا بد أن يفعل مع "كمالة العدد" من الكُتاب والكاتبات، باستثناء الذين لهم تاريخ ويستحقون الوفاء حضورا وتقديرا، مع إضافة أقلام جديدة أخرى إلى النخبة المميزة من الكُتاب والكاتبات الموجودين.

أمنياتي بالتوفيق للزميلة "عكاظ"، وواثق ثقتي في نفسي الآن، أن المسمى وجوبا "الصحفي المقلق المتألق" سيجعل مجدها بقيادة "هاشم" قبل مغادرته الأولى، مجرد ذكرى أمام مجدها القادم، إذا سلم مما يجري في كواليس "الشللية المصلحية" التي في فمي ماء كثير عما فعلته –وأعرفه- أو ما يمكن أن تفعل، منذ مقتل "عثمان بن عفان"، رضي الله عنه، إلى الأكذوبة الكبرى للحرب على "داعش"!، إلى ما شاء الله من صراع بذرائع متنوعة بين الخير والشر.