الذي يتابع الرياض هذه الأيام يلاحظ الحركة الدائبة والمستمرة لمجريات السياسة والتحرك على أعلى المستويات ومناقشة قضايا الأمة على أكثر من مائدة مستديرة، فأنت ترى الاجتماعات التي تجمع المعارضة السورية تلتها مباشرة القمة الخليجية، والاستقبالات واللقاءات والاتصالات الهاتفية التي تجري بين قيادة هذه البلاد وزعماء العالم في سباق مع الزمن لتقديم المشورة والرأي لحل القضايا العالقة، والتي هي في الوقت نفسه ساخنة لا تهدأ، واجتماعات الوزراء المعنيين بالحقائب السياسية والأمنية التي تدار على مدى الساعة للوصول إلى حل للقضية السورية وملفات أخرى تبحث في التدخلات الخارجية من قبل بعض الدول تجاه ما يجري -على سبيل المثال- في اليمن ولبنان وسورية، وتقديم الحلول الناجعة للخروج من الأنفاق المظلمة التي وصلت بالعالم إلى هذا المستوى من شبكات الإرهاب، وتحجيم دورها وملاحقة كل من يدعم ملف الإرهاب من الدول والجماعات، حتى أصبحنا فيما يشبه الغابة، ورأينا على السطح مع كل الأسف بعض الدول والجماعات التي تحرض على الإرهاب وتدعمه كإيران، وحزب الله، والحوثيين، وجماعات التطرف المذهبي لدى الغرب، مما يجعل الناظر لهذه القضايا يشكر كل الجهود التي تقودها المملكة لوضع الحلول واقتراحات مناسبة لإيقاف نزيف الدم الذي يراق بحق كل الإنسانية، فكيف بالمسلمين على أرض سورية والعراق واليمن.

اليوم البيت السعودي مقصد كل من أراد أن يحل السلام في أرضه، ويجد الدعم والمساندة والمشورة الصادقة في بلدٍ أعلن في أكثر من موقف عزمه على محاربة الإرهاب واجتثاث جذوره، وبذل للقضية الفلسطينية كل غال ونفيس حتى في سبيل استرداد الشعب الفلسطيني حقوقه المغتصبة، وأعلن أيضا رفضه الإرهاب بكل أشكاله، وطالب المجتمع الدولي بوضع آلية تكفل محاربة الإرهاب وملاحقة الجماعات التي تموله.

نعم البيت السعودي الذي خرجت منه -وتحديدا من قمة الرياض عبر القمة الخليجية- قرارات وتوصيات مهمة؛ تؤكد الدور السعودي البارز تجاه محاربة كل ما من شأنه زعزعة الأمن في المنطقة الخليجية والعربية واستقرار العالم، فبيان الرياض أكد أنه لا مناص من توحيد الجهود ووضع الأيدي مع بعضها حتى يتم القضاء على الإرهاب وأهله، ليعود اليمن آمنا بعيدا عن مصالح الحوثيين والمخلوع صالح، وليعود الاستقرار إلى سورية بعيدا عن الأسد وأعوانه، وقطع الطريق على كل من يحاول إشغال فتيل القتال في ربوع العالم، مناشدة السلام والعدل الدوليين اللذين يحرص عليهما البيت السعودي وفق توصيات المؤتمرات التي تتابع كل يوم من أرض الرياض حتى نؤكد حرصنا على أننا أمة سلام ودعاة خير ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم كله.

هذا بلا شك يؤكد وقوف المملكة والدول الخليجية ومحبي السلام الذين توافدوا إلى الرياض على وحدة الصف وجمع الكلمة، سواء على مستوى الخليج أو على مستوى العقلاء في عالم اليوم وكل من تربطه بالمملكة علاقة ذات مصداقية تتوخى السلام وتنشد إطفاء الفتن بعيدا عن أصحاب الأهواء والعملاء ومن يتعامل مع الآخرين بالمصالح دون النّظر لمصير الشعوب المكلومة، حتى ولو كان على حساب الأشلاء والدماء في عالم القوي فيه يأكل الضعيف مهما كان الأمر، وقد نأت المملكة وشقيقاتها من الدول العربية وأصدقاؤها عن هذا المزلق الذي يسلكه قطعان الإرهاب والمرتزقة من محبي الفوضى في العالم، ولهذا جاءت نتائج المؤتمرات واللقاءات والاتصالات لتؤكد على مبدأي العدل والسلام الدوليين، وهما منهج لا تحيد عنه المملكة بإذن الله.