مع كل حزمة قرارات وأوامر ملكية تبدأ الحفلة المسائية في حصة طويلة جدا من التعبير. هذا ما حدث بالضبط ليلة ما قبل البارحة. إذاً: ما هو التفسير؟ هنا تكمن الحقيقة أننا أمام شعب ظامئ جائع ومتعطش لحركة التغيير. ودعك، عزيزي القارئ من ردة فعل سدنة الخطاب الأيديولوجي من كلا الطرفين والمدرستين، بل واعتبرني أيضا من هؤلاء. نحن لا نمثل سوى نسبة هامشية هزيلة لا تكاد تذكر أمام البياض السائد من أبناء هذا الشعب العاشق لصدمة الفجأة وعشق التغيير. نحن أمام مجموعة من البراهين التي تقول بكل وضوح إن ولي أمرنا (أبو فهد) لا يضع نقطة سوداء شاردة فوق المصلحة العامة للوطن وللمواطن ولا يتغاضى ولو لطرفة عين عن خطأ في وجه المستقبل. فعلها سلمان بن عبدالعزيز من قبل، حين أقال رئيس مراسمه الملكية الخاصة لأن تلك الصورة التاريخية سرت مثل الهشيم في ظرف بضع دقائق، وفعلها والدنا وولي أمرنا أيضا، لأن وزيره السابق للصحة تعالى بنبرة صوت على سؤال لمواطن، مثلما فعلها مع وزير الإسكان لأنه لم يقدم في عرض تنموي ما يشفع له بأن يتماشى ويتماهى مع عصر سلمان بن عبدالعزيز وهو يرفع شعار: المواطن أولا.
وهنا سأعود للجملة الرابعة في رأس المقال في رسالة واضحة لغلاة المدرستين النقيضتين: تقول المعلومة إن الشهر الأول بعد القرار التاريخي بدمج تعليم البنات مع البنين قد شهد توزيع خمسة ملايين شريط لبكائيات (محمد الهبدان) في خطبته التاريخية وهو ينعى (موت الفضيلة). وبعد عقد من الزمن لم يحدث وقع جملة واحدة ولا حتى وقع كلمة لكل تحذيراته، وكأن البياض الواسع من هذا الشعب يقول له: ابلع كل ما قلت. وهذا ما سيحدث بالضبط في القادم من الزمن القريب لحفلة (البكاء) الأسطورية مساء ما قبل البارحة في ردة الفعل على القرارات والأوامر الملكية. سأختم قبل أن تنتهي المساحة:
نحن اليوم نقطف الثمار الأولى لفكرة (المجلس الاقتصادي التنموي الأعلى) لأنه يبرهن بكل وضوح ومباشرة أنه ورشة عمل لا يحضر فيها (البشت) ولا مكان في هذه الورشة لبيروقراطية (البروتوكول) ولا لهيلمان (صاحب المعالي) إن لم يكن (الشعب أولا) كما هو الشعار الرسمي لعهد (أبو فهد). تحولت هذه الغرفة الصغيرة لاجتماعات هذا المجلس إلى شيء يشبه امتحانات (البورد السعودي)، ولكن في الامتحان التنموي الاقتصادي الذي يقرأ مصلحة البياض الغالب من هذا الشعب، لا أهواء ورغبات الفئام الحركية.