سأتجاوز الجدل الدائر حول تحفظ بعض شرائح المجتمع على وجود دور السينما، على اعتبار أن القضية باتت مسألة وقت فقط، وشرعيا تأخذ حكم التلفزيون والإنترنت وغيرها من أدوات الإعلام التي بين أيدينا حلالا زلالا، ومهما حاول الممانعون لأي حراك اجتماعي، من الذين يسكنهم الخوف من انتزاع سطوتهم الوهمية، فسيأتي اليوم الذي يعيش فيه المجتمع حالته الطبيعة، ويصطف أمام شباك التذاكر، كبقية المجتمعات.
السينما ليست مجرد ترف ثقافي، وهذا ما يجب أن يستوعبه الجميع، بما في ذلك أهل الوصاية الذين ما زالوا يعتقدون أنهم يمسكون بتلابيب الوقت ويحركونه في اتجاه بوصلتهم.
السينما أداة من أدوات المعرفة وشأن من شؤون الحضارة، وخلالها يمكن التعبير عن الذات وإرسال الرسائل الواضحة إلى العالم، كما يفعل الإيرانيون الذين يحاولون إقناع العالم بعدالة مواقفهم عبر الأفلام.
السينما كصناعة باتت مطلبا وطنيا وإنسانيا، ومن المعيب أن نبحث عن فضاء آخر، نقدم فيه صناعتنا هذه، لمجرد أن ثلة بيننا لا يعجبهم ذلك، كما حدث مع فيلم "بلال" الذي تم إنتاجه في الإمارات برأسمال سعودي بلغ 200 مليون ريال، واستغرق تنفيذه 3 سنوات، ودخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية لأنه يحتوي على أطول مقطع كرتون وصل إلى 11 دقيقة ونصف.
نشعر بالأسى ونحن نشاهد مثل هذه المشاريع والإنجازات الضخمة تدار بأموالنا، وبفكر وجهد شبابنا خارج الوطن، وحتى حين يرغب أبناؤنا في الاستمتاع بمشاهدة هذا المنتج السعودي الجميل، سيضطرون لتكبد عناء السفر والارتحال، لماذا؟ لأن ثلة بيننا لا يعجبهم هذا! لكن المجتمع سيتقدم، وستبقى هذه الثلة في المؤخرة، تماما كما اختارت لنفسها.
اليوم، نحن أمام صورة مصغرة تبرهن على أهمية صناعة الصورة وتأثيرها الكبير، وذلك حين أخذت تتسابق المؤسسات والقطاعات الرسمية وغير الرسمية للدعوة إلى تنفيذ أعمال درامية وأفلام قصيرة، تلامس هموم المجتمع وتعمق لدى النشء روح الانتماء والمواطنة، وتوظف لضرب العنف والتطرف، وتقدم التحايا لجنودنا البواسل على جبهة القتال.
اليوم، يغرس الهواة البذور وغدا يجني المحترفون الثمار، وحينها سنصفق جميعا ونحن نلبس نظارات 3d أمام الشاشات الكبيرة، لكل من أبدع وقال كلمتنا للعالم.