إذا كنت من أصحاب القلوب السليمة -جعلني الله وإياكم من أصحابها- فإنك تتألم حينما تشاهد مقاطع متنوعة يندى لها الجبين، بل تقطع نياط القلوب ألماً وحسرة على ما آل إليه الأمر من ممارسات سلبية لدى البعض من محبي الظهور والوهج الإعلامي (وهج إعلامي مزيف ممجوج)، الذين يدعون الكرم وكأنه لهم سجية والكرم منهم براء.. وليست تصرفاتهم من الكرم في شيء لا عرفا ولا عادة ولا شرعا.

التصرفات التي بدرت من بعض من تهون عليه النعم إلى هذا الحد لا يكون إلا من فرد عديم الإنسانية ضعيف في تكوين الشخصية، ليس لديه الحد الأدنى من الثقة في نفسه وفي تصرفه، يبحث عن ذاته وقد لا يجدها (وحتما لن يجدها بمثل هذه التصرفات). لم نسمع يوما ما عن أشخاص عملوا بمثل هذا البذخ لأنهم أصحاب شخصيات متزنة وواثقة، ولم نسمع عن تجار محليين وعالميين جلبوا أموالهم من عرق جبينهم بالطرق المشروعة عملوا بمثل هذا الإسراف لأنهم أصحاب نفوس طيبة وعقول سليمة.

ما زاد الجرح غورا وألماً هو ما حدث من معالجات خاطئة من البعض -ربما بحسن نية- خانه فيها أسلوب التنفيذ ذلك المقطع الذي يتهكم صاحبه بمن غسل بدهن العود، فإذا بالمعالج السايكودرامي يقدم المشهد التمثيلي وينحر رقبة ابنه ليسكب الدم على أيدي معازيمه لتنظيفها بعد تناولهم الوجبة، على حد قوله، من خلال ما ظهر في وسائل التواصل.. هذا التصرف (التمثيلي) قد يكون وبالاً على صاحبه وعلى من يشاهده من صغار السن، ومدعاة إلى تصرف تطبيقي عفوي قاتل من قبل بعض صغار السن بحكم حبهم التقليد والمحاكاة لما يشاهدونه، وبالتالي يحدث ما لا يحمد عقباه.

المبالغة في المعالجة والتهكم والسخرية والازدراء من بعض التصرفات السلبية وإخراجها في أفلام ومقاطع، كما هو الحال فيما ذكر آنفا، ونشر الصور على البرية صغيرهم والكبير، قد لا يكون لها أثر إيجابي، بل العكس ربما زادت الأمور سوءا وازداد الجرح عمقا.. ولعل ما يؤكد خطورة هذا الأمر استدعاء الجهات المعنية لمن عمل المقطع للأخذ على يده، حسب ما سمعنا.. وهذه هي الحكمة والتؤدة والأناة.

أما بالنسبة لمن يدعي الكرم بمثل ما شاهدناه في عدة مقاطع متنوعة مختلفة ولعل أيسرها تبديل اسم لشاب إلى اسم جديد من قبل والده لا لشيء سوى رغبة أبيه في التعلق والتقرب إلى شخص آخر بما يسمى السمي الجديد لفلان.. أتساءل: هل يحق للأب تعديل اسم ابنه بعد هذا العمر دون سبب جوهري؟ وماذا لو امتنع الابن عن تبديل اسمه؟ ما العواقب من ذلك الامتناع؟ أترك لكم الإجابة. الشيء الجميل أن تصرفات أهل البذخ والإسراف والتبذير حتى من يقسم بتعديل اسم ابنه لاقت عدم رضا من كل الجهات وكل الناس الصحيحة عقولهم، السليمة نفوسهم، لأنها تصرفات تتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي قال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين).

ليت من قاموا بالتبجح والكبر والغطرسة والبذخ -وهي صفات ممقوتة لكل من يتصف بها- يدركون معنى قوله تعالى: (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم). ويسارعون في محاسبة أنفسهم قبل أن يذوقوا وبال أمرهم.. والله المستعان. اللهم أدم علينا نعمك ظاهرها وباطنها.. ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.