الاقتصاديون، والمحللون الماليون، والمواطنون، وأنا –لست مختصاً– لكني مواطن، لا أحد يعلم بدقة هل الدولة تدفع دعماً للطاقة، أم لا تدفع، لكننا نعلم أن البترول بالتحديد –هو المصدر الوحيد لمصاريفنا ومشاريعنا واحتياجاتنا كلنا– أو هو يمثل النسبة الأكبر من هذا الدخل، حتى وإن كنا لا نعلم كم هو؟! فنحن مطمئنون أنه بأيدٍ أمينة تعمل لمصلحة الوطن وتطويره.

المهم أن الجميع مختصون وغير مختصين ليس لديهم معلومات موثقة حول الدعم، وإنما توقعات، وطبعاً لا أحد يعلق، لا وزارة البترول، ولا أرامكو، ولا وزارة المالية، وطالما الأمر هكذا، فكيف لأحد أن يشكك في التوقعات والتقديرات أو يقبلها؟

أنا شخصياً لا أشكك في التوقعات، لكني لا يمكن أن أبني عليها رأياً مطلقاً! لكني أتذكر أنني كنت –زمان– أطلب "إيقاف الدعم نهائياً عن الطاقة!" وبيع "سعر البرميل" من البترول محلياً، بسعره عالمياً، والمقصود الشركات المستهلكة للطاقة البترولية محلياً، وندعها تبيع منتجاتها بصورة تجارية على المستهلكين، مع توجيه الدعم أو فرق السعر لمحتاجيه الحقيقيين من المواطنين، فالآن –مثلاً– يستفيد من "السعر المتدني جداً" لمنتجات الطاقة من "محروقات، وكهرباء، وماء، ومنتجات صناعية" كل من يعيش في الوطن، المواطن والمقيم، والغني والفقير، وهذا ظلم واضح للدولة من جهة، وللمحتاج حقيقة من جهة أخرى، والمفروض بيع كل خدمة بسعرها التجاري العالمي، ودعم المحتاج فقط، أمَّا البقية فيدفعون، ولا داعي – منطقياً – لدعم الجميع.

كل هذا منطقي وطبيعي، لكن هل الحكومة تدعم "الطاقة" أم لا؟ أي هل هي تدفع الفرق بين السعر المحلي "4، 5، عشرة أي سعر" وبين السعر العالمي "سعر السوق"، بمعنى هل الحكومة إن ارتفع السعر أو انخفض تعوض الفرق مالاً، أو تحسبه خسارة دخل، أو لا شيء من هذا وذاك؟! لا شيء معلن من هذا، و"وزير البترول"، أعلن سابقاً أن تقليص الدعم ورفع الأسعار للطاقة محلياً تتم دراستهما، ثم عاد بعدها وقال: "لسنا في حاجة لرفع الأسعار ولا إيقاف دعم الطاقة" ولم يوضح لماذا؟ ولم يقدم معلومات.

ولهذا فإن أي كلام مني أو من غيري، حتى من المتخصصين، عن ضرورة إيقاف الدعم أو ضرورة استمراره، لا معنى له، لأنه يعتمد على توقعات وتخمينات، لا أساس معلوماتي حقيقي لها، الناس مرتاحون لاستمرار الدعم، أو –للخسارة بسببه-، فهم مرتاحون لأسعار منتجات الطاقة الحالية من "محروقات، وكهرباء، وماء، ومنتجات صناعة، وتذاكر طيران... إلخ"، فكيف يتقبلون حرمانهم من هذه –الأسعار المتدنية– فجأة!؟ هذا يشكل –بطبيعة الحال– صدمة عنيفة، خاصة أنهم لا يعرفون كم الدعم أو الخسارة فليس لديهم معلومات مؤكدة.

إن المشكلة الأساسية كما أتصور، هي مشكلة الغموض، فلا أحد يعرف كم الواردات، ولا أحد يستطيع توقعها بدقة، فمهما كان التوقع، فإنه ليس مثل الحقيقة التي يجب أن تعلنها جهة رسمية، مثل "وزارة المالية".

ميزانية الدولة –سنوياً– تعلن حجم المصروفات، ويتم إعلان حجم العجز متى وجد، ولا أحد يدري كيف بنيت الميزانية، أي على أي سعر للبترول، باعتبار البترول هو الدخل الرئيس أو الوحيد، ولو أعلنت كل هذه المعلومات المالية الدقيقة بوضوح لوجدت الحكومة عوناً هائلاً من مواطنيها الذين لن يتورعوا عن فداء وطنهم وقيادتهم بكل ما يملكون وسيتقبلون أي قرار لأسعار الطاقة، وهم صادقون ومخلصون وراضون مهما كان، فقط إبلاغهم بالحقيقة كاملة!