بناء على التقرير الذي يشير إلى ارتفاع عدد اللاجئين والمهاجرين في العالم إلى رقم قياسي وهو 60 مليون شخص، وفي سياق الحملات الإعلامية التي تتناول اللاجئين بالامتنان عليهم، وتظن هذه الدول أنها تسجل بصمات وإنجازات تاريخية في التحضر والمدنية،  ونجد هذه الدول المضيفة للاجئين تهدد بأنها قد ترحل اللاجئين إلى دول أخرى، وتمنّ عليهم بأنها تشعر بعبءٍ اقتصاديّ كبير جدًّا بسببهم، وأنها تتحمل ضغوطاً كبيرة من شعبها لأنها تؤويهم، رغم أننا نجزم أن لديها مصالح خاصة من استقبال أولئك اللاجئين.

ينخدع البعض بهذه الإنسانية المزعومة، وينسون كيف أن الإسلام يمنح المهاجرين واللاجئين والمستضعفين حقوقاً خاصة بهم؛ ضمن شريعته الغراء، ويذكرها في آيات منزلة، تتلى إلى يوم القيامة، بل إن الإسلام حرم المكوث في بلد غير آمن، يعاني الإنسان فيه الضعف والخوف، وأمر بمد يد العون والرعاية لهم، بل ومنحهم الحق بطلب اللجوء إلى غير أوطانهم، بشكل فريد؛ لا تصل إلى رفعته التشريعات والقوانين المعاصرة مهما بلغت.

لقد ترك المهاجرون في عهد النبوة مكة والديار والأهل والعشيرة، وليس معهم من أموالهم أو تجارتهم شيء، وانتقلوا مضطرين إلى المدينة المنوّرة، ففتح الأنصار لهم بيوتهم وقلوبهم، واستعدوا لاحتضان من جاءهم مهاجراً، فحوى المسكن الواحد تحت سقفه الأنصاري والمهاجر، وهما يتقاسمان كل شيء المسكن والمال والطعام، واستقبلت كل دار عائلة أو أكثر من المهاجرين اللاجئين، وأصبح كل واحد من المهاجرين أخاً لواحد من الأنصار في كل شيء، حتى الميراث. هذه المقاسمة وهذا التكافل الاجتماعي الرفيع كانا من أهم العناصر التي مهدت لإقامة المهاجرين في بلد اللجوء إقامة طيبة، تنبض بالإيثار وبالأخوة الصادقة، وعليها تأسس مجتمع جديد مبني على أعلى القيم الأخلاقية والحضارية، التي لم يوجد لها مثيل حتى وقتنا الحاضر.