قُصاصة ورق قديمة تعود إلى الثمانينات الهجرية في إعلان أسماء الناجحين للمرحلة المتوسطة والثانوية.. ما لفت انتباهي (مدرسة .... لم ينجح أحد) كان في ذلك الزمن الجميل (الطيبين) تعليم جميل كجمال حياتهم وبساطتها، كان المقياس الوحيد للتفوق الدراسي والنجاح هو التحصيل العلمي في آخر العام الدراسي، بعيدا عن التقييم والاختبار التحصيلي وقياس، وابن فلان وبنت فلان والجميع راض لأن النجاح والتفوق كان طموح كل طالب يسعى إلى تحقيقه، ولا يتحقق ذلك إلا بالجد والاجتهاد بعيداً عن أي مساعدة أو واسطة.

 كانت ورقة الاختبار هي الفيصل بين الطلاب، وما تعلمه الطالب طوال العام هو نتيجة اختباره عكس ما نحن عليه الآن، الجميع ناجح وبتفوق، والمخرجات لا تكاد تفي بالحد الأدنى لمستوى الطالب علميا، ما الذي جرى نسبة النجاح 99% من المؤكد أن هنالك خللا كبيرا جداً. ولكي نكون محايدين ومنصفين لابد أن نطرح عدة تساؤلات، منها: لماذا لا يكون جميع طلابنا وطالباتنا عباقرة بحيث لا يرسب أحد؟ لنفرض أنهم فعلا كذلك، أين هم الآن؟ أين الطبيب المميز؟ أين العالم المبدع؟ أين المهندس المبتكر؟ أين المخترع؟  فمن المؤكد أن جلّ استخداماتنا في حياتـنا اليـومية مسـتوردة مـن الألف إلى الياء. أين المتفوقون دراسياً الذين تخرجوا بنسب لا تقل عن 98 % .. فقد اختفت عـبارة الثمانينات من (لم ينجح أحد إلى لم يرسب أحد). إذًا هنالك خلل ما في مخرجات التعليم التـي لا تناسـب إطلاقاً نسب النجاح المزعـومة.

 صلاح البيئة التعليمية ومخرجاتها يحتاج إلى وقفه حازمة من وزير التعليم وتغيير كبير في المنظومة التعليمية لتحسين تلك المخرجات ومواكبتها للعالم. لا يأتي التحسين من إنشاء البوابات الإلكترونية وكثرة مستشاري ومنظري التعليم حول الوزير. بل يأتي من حلول لثلاث مشكلات ستغير المسار التعليمي ومخرجاته:


تطوير وتقييم الأداء الوظيفي لمنسوبي التعليم (معلم – مدير – وكيل – مرشد طلابي) بمختلف مراحله ووضع آلية لذلك من تطوير ودورات، ومن ثم وضع اختبارات لقياس مستوى الأداء الوظيفي لكل من له علاقة مباشرة بالتعليم.


إنشاء إدارات اختبارات في كل منطقة تعليمية، مهمتها الرئيسية تصحيح الاختبارات لجميع المدارس سواء كانت حكومية أو أهلية وإعلان النتائج.


إعادة مواد اللغة العربية (التعبير – القواعد – القراءة – الإملاء)، وإلغاء مادة لغتي التي دمجت كل كتب اللغة العربية في كتاب واحد، وأخرجت لنا جيلا لا يعرف الإملاء والنحو والتعبير والقراءة. وكانت هذه الفكرة (كتاب لغتي) قد قضت تماما على أهمية اللغة العربية، وأخرجت لنا جيلا من المرحلة الابتدائية والمتوسطة لا يستطيع التعبير والكتابة بصورة صحيحة وسليمة.

(لم ينجح أحد) كانت في السابق ترى في جميع الصحف اليومية بعد اختبارات آخر العام والتي اختفت الآن، لأن جميع أبنائنا الطلاب حفظهم الله متفوقون دراسيا ... ولا تقل نسبهم في أي مرحلة دراسية عن 98 %.. وإن لم يجتهدوا!