في برنامج يا هلا، ومع الأخ العزيز علي العلياني، استمعنا جميعا إلى مواجهة نقاش راق وحضاري تثقيفي ما بين الدكتور محمد النجيمي والأستاذ قينان الغامدي حول الحركة السرورية. وبودي لو أن الصديق، علي العلياني، يخصص مساحة كبرى، ولو لحلقة أسبوعية واحدة، لمثل هذا النوع من السجالات في شتى مفاصل مشكلاتنا المختلفة في التعليم والصحة، وفي الفكر ومدارسه، وفي الاقتصاد وعوائق التنمية. نواة وصلب مقالي لهذا اليوم ينبع من السؤال التقليدي لعلي العلياني: ماذا لديك كي تقوله ولم يسعفك الوقت في ثنايا الحوار؟

لدي كل ما يلي: أولا، لماذا تطوع فضيلة الشيخ محمد النجيمي، ومن بين الآلاف للدفاع عن حركة يقول إنه لا ينتمي إليها ولا يعرف رموزها، بل وينكر وجودها في الأصل؟ وهذا سؤال طويل جدا لا تتسع له هذه المساحة. ثانيا: يقول فضيلة الشيخ الدكتور محمد النجيمي إن محمد سرور زين العابدين لم يكن سوى معلم (رياضيات) جاء إلينا في لحظة زمنية قصيرة، فكيف تحول معلم (الرياضيات) إلى مدرسة وحركة؟ جملة قد تنطلي على البسطاء ولكنها لن تخدع النخبة: حسن البنا كان معلم لغة عربية ومن بعده كان سيد قطب خريج معهد معلمين تكميلي، ولك فيما تبقى من المعلومة أن تعرف كيف كانا هذين الاثنين، وكيف كونا أكبر جماعة حركية. لم يكن أيمن الظواري أزهريا بل كان طبيبا بالقصر العيني، ومن بعدها، وبلا جدال، كان العقل الحركي لفكرة تنظيم القاعدة. نواة تنظيم داعش بدأت على يد أبي مصعب الزرقاوي الذي لم يكن يحمل حتى شهادة الثانوية العامة، ومثلها جماعة بوكوحرام التي ولدت على يد خريج لغة عربية من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. نحن، وفي خارطة العالم الإسلامي، يا فضيلة الشيخ، لا نشكو تبعية العلماء الربانيين الراسخين في العلم -اختصاص الشريعة- بقدر ما نحن ضحايا (التكنوقراط) الذين ركبوا موجة الدين من بوابة العلوم والطب والهندسة. كل السواد الأعظم من مؤسسي حركات الإسلام السياسي لم يأتوا لمجتمعنا أبدا من بوابة كليات الشريعة. ولك من البراهين يا صاحب الفضيلة، وأنت عضو لجنة المناصحة، أن تذكر على الملأ نسبة أصحاب الضلال من خريجي كليات الشريعة بالمقاربة مع النسبة الطاغية من هؤلاء الذين لم يدرسوا ولو لساعة في كلية شريعة. لست بحاجة إلى أن أسوق الدليل الواضح على أن جسد جماعة الإخوان الأساسي يكمن في كليات الطب والهندسة والعلوم، لأن الحركة عجزت عن تسويق أفكارها داخل الكليات (المحصنة) وعلى رأسها كليات الشريعة. أما أن تنفي يا صاحب الفضيلة وجود وتغلغل الحركة السرورية في بلادنا فهذا مثلما تنفي وجود الرمال في القصيم وأشجار النخيل في الأحساء والضباب في الباحة. يؤسفني أنك عضو مناصحة ولا تعرف هذه الحقيقة.