عراق مزدهر، يعيش في سلام، مع نفسه وجيرانه، ينعم بخير نخله ونفطه ورجاله ونسائه المتعلمين المنتجين، أحسب أن هذا ما يريده خادم الحرمين، أبو العرب، وهو يخط نداءه لإخوانه وأهله في العراق.

سيخرج عراقي ما، يشكك، ينتقد، بل ربما يرفض، فهناك في العراق من يريد عدم الاستقرار، والطائفية، فهو يحيا في ظلهما ويقتات عليهما، فلا ينبغي أن يلتفت أحد إليه، بل هو وأمثاله أحد أسباب نداء الملك المحب للعراق وأهله، كل أهله بكل أطيافهم.

سأل البعض يوما، لمَ ابتعدت المملكة عن العراق، بينما توغل فيه آخرون؟ يومها كانت الطائفية هي المتسيدة، ولم ترد المملكة يوما أن تأتي منتصرة لطائفة، فالعراق لا يستقيم لطائفة وحدها وإنما مثلما قال عبدالله بن عبدالعزيز، عراق كل الأديان والحضارات والمذاهب والأحزاب التي شاركت في انتخاباته الحرة، فجاءت المملكة اليوم لكل العراق، ودعا الملك كافة الأحزاب والقوى الوطنية، لم يستثنِ أحدا لا تلميحا ولا تصريحا، حتى من اختلفت معهم المملكة يوما أو اختلفوا معها، سيجدون جميعا في الرياض بيتا لهم أجمعين، وسيجدون فيها إخوة صادقين.

فماذا تريد المملكة من العراق؟

لقد أوضح الملك ذلك في ندائه الصادق، فمالذي تستفيده المملكة من عراق قوي مستقر مزدهر؟ ببساطة المملكة تريد شريكا يشد أزرها في العراق، ونحن نواجه شتى التحديات مسلمين وعربا، تريد عراقا يمتد إلى المملكة تجارة وصناعة وزراعة في شراكة، وسعودية تمتد إلى العراق تجارة وصناعة وشراكة في الخير، ومن السعودية والعراق المتجاورتين المتآخيتين عروبة ودينا تمتدان معا إلى جيران أوسع، إلى إيران وتركيا وسورية فنخلق معا محيطا يغير وجه التاريخ.

لا بد أن نصبر، سنسمع أصواتا نشازا، وقد سمعنا مثلها يوم بادرت المملكة واحتضنت الفرقاء اللبنانيين في الطائف أوائل ثمانينات القرن الماضي، ولكن في النهاية لم يصح إلا الصحيح، ولا تزال "الطائف" هي الضامن للسلم في لبنان.

خادم الحرمين لا يبحث عن مجد، فهو صانعه، كظم الغيظ، ودفع العرب كلهم إلى مصالحة في قمة الكويت قبل عامين، إنه يريد الخير والسلام، ليس لديه حزب في العراق، ولا مصالح، وإنما حزبه ذلك المواطن العراقي الذي يريد أن يستيقظ آمنا في سربه، مطمئنا على أهله، حزبه مواطن عراقي يريد حياة أفضل، وظيفة أفضل، مستشفى أفضل، ومدرسة أفضل، عراقي سعيد.

سيمد يده بصدق إلى المالكي مثلما مدها إلى إياد علاوي وجلال الطالباني والهاشمي والحكيم والصدر، وكل أطياف الشعب العراقي.

ليثق قادة العراق أنهم عندما يصلون إلى الرياض، سيجدون أمامهم صفحة بيضاء يرسمون عليها مستقبل وطنهم، وإن احتاجوا ضمانات، سيسعى المليك لتوفيرها، وإن طالبوا بضغط الأخيار على الأخيار أن يبتعدوا عن التدخل في الشأن العراقي سيفعل، إن لزم الأمر اتصالا مع الإخوة في طهران سيفعل، أو تفاهما مع السوريين سيسابق إليه، المهم هو سلام العراق ففي سلامه سلام لنا نحن شعب عبدالله بن عبدالعزيز.

نحن أيضا سنؤازر مليكنا في مسعاه الخير، إذ طال شوقنا إلى العراق وأهله الذين أبعدهم عنا العسكر والانقلابات والصراعات والحروب منذ أكثر من نصف قرن. لقد رفضنا من أراد مذهبة الخلاف ولو كان منا، وحاربنا من قتل العراقي لأنه شيعي، فلقد رفع سلاحه علينا قبل أن يشهره في وجه إخواننا الشيعة.

هذه فرصة لنهتبلها جميعا، نحن شعب العراق وشعب السعودية، ولنؤازر قادتنا في مسعاهم الجاد، ولنعمل معا من أجل العراق، كل العراق.