إذا صحت التسمية، فإنه البرلمان غير المشكل. فقد تجاوز "تويتر" اليوم كونه صوتا للمواطن إلى صانع للحدث، والحدث هذه المرة تدخل رسمي من جهة ذات علاقة، وبقرار مسؤول واع، تجاوب مع البرلمان الشبكي، وأمر بنزول الآلات إلى الشارع، وإزالة المخالفة التي ضج بها صوت المواطن، وأصدر حكمه عليها بالرفض.

هذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها الشبكات الاجتماعية حراكا عاما لدينا، يصل خلاله صوت المواطن إلى صاحب القرار، فقد أطاحت هذه الشبكات بوزراء ومسؤولين، لأن عين الكاميرا المحمولة رصدت أحدهم في موقف متخاذل، ثم طارت الركبان بـ"المقطع" في "واتساب" وغيره، وفي "تويتر" رصد المواطنون التجاوزات، وأعقب ذلك قرار حكيم ومسؤول برفع الضرر والتصويب.

غير أن الأحداث التي جرت أخيرا، وبدأت بفتح شارع فرعي في جدة أغلقه رجل أعمال ليستفيد منه لمصلحة منزله، وبعدها بأيام قلائل فتحُ شارع آخر أغلقه صاحب علاقات لمصلحة منزله أيضا، لهو أمر مختلف ويحمل دلالات مختلفة، إذ إن المواطن هو المستفيد من فتح هذين الشارعين المغلقين، وهنا يكون قد أسهم بشكل أو بآخر في رفع الضرر عن نفسه ومجتمعه.

وكان ذلك بمجرد تسجيل حضور عبر شبكات التواصل الاجتماعي، أما بالتفاعل مع مقطع أو تغريدة أو حتى المشاركة في نشر المادة التي كانت سببا في وصول الواقعة إلى الناس، وبالتالي التشارك في تكوين رأي عام مؤثر تجاهها، وكأنه بذلك يضع الملف كاملا على طاولة المسؤول، ويقول له: افعلها، ففعلها.

وهنا يجب الإشادة بدور المسؤول قبل المواطن، لأن التفاعل مع مطالب الناس وهمومهم هو الأهم في كل هذه العملية، وإلا لما كان لـ"تويتر" وبقية وسائط التواصل أي دور، فيما لو غاب دور المسؤول ولم يتجاوب مع تلك الأصوات، ولكانت هذه المطالبات مرت مرور الكرام، وبقي الحال على ما هو عليه، وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء.