يمشي الشاب المدعو "حُمّص" مع حبيبته "حلاوة" في شوارع المدينة القاهرية، بملابس شبه مُرقّعة، وهما يُدندنان أغنيتهما التي ألّفاها: أنا حُمّص حُمّص يا حلاوة.

العاشقان البسيطان ممدوح عبدالعليم وليلى علوي، في ملابس الشوارع البسيطة، يدندنان لحنهما الذي اخترعاه دون دراسة موسيقى أو فهم نوتة، قبل أن يصطدم فنهما البسيط التلقائي الجميل، بغول الطبقة الأورستقراطية، ممثلا في ملحن ثري، يسرق لحنهما وحلمهما، وعلى ذلك تدور أحداث فيلم شريف عرفة الرائع "سمع هُس".

لن أتحدث عن الراحل المبدع ممدوح عبدالعليم، الدرامي، فهو في التلفزيون وحش له أنيابه وتاريخه وبصماته العالية، من "ليالي الحلمية"، حتى "شط إسكندرية"، ولكني سأتحدث عن ممدوح السينمائي المظلوم.

مع المخرج العبقري محمد خان، يمثل ممدوح دورا من أجمل الأدوار في فيلم من أهم الأفلام، دور الفتى القرويّ الفقير الذي يعمل بمحل بنشر، ويصطدم بشاب برجوازي عبثي مُرفّه، يأخذه معه في رحلة كي يتسلّى عليه وعلى أحلامه وآماله، بينما تمر الأحداث بهذا الفقير، وكأنها الحلم الذي لا يتحقق ولا يعود مرة ثانية.

مع المخرج العبقري أيضا عاطف الطيب، كان ممدوح الشاب القروي الجامعي المثقف الذي يتوسط لابن عمه الأُمّي في الأرياف ليلتحق بالسلك العسكري، ثم يتم توجيهه من قبل الجيش للعمل كجندي حراسة بإحدى المعتقلات السياسية، وهو على سجيّته لا يفهم شيئا، ثم ما يلبث أن يتفاجأ، بأن السجين القادم، هو ابن عمه المعتقل إثر مظاهرة تدعو إلى عيش الكرامة والحرية، في لحظة صادمة، بين العقل الباحث عن الحرية، والعقل المُسيّر بريموت الحكومة، الطائع، الخانع، الجاهل.

هي لمحة لفيلمين من أهم أفلام السينما العربية، كان بطلها الراحل ممدوح عبدالعليم، الذي بكاه الناس في تويتر طوال أسبوع مضى، استعرضوا فيها شريطا حزينا وحافلا، من حياة فنان حقيقي وكبير، مرّ كالحلم، وهو يردد:

أنا حُمّص حُمّص يا حلاوة.