بالمصادفة شاهدت مقطعا من برنامج تعرضه إحدى القنوات الفضائية الأجنبية أظنها "الإيكونوميست"، وهي واحدة من قنوات تحفل باستضافة سعوديين وسعوديات، وكان حديث الضيفين السعوديين عن مطالب ليست في قائمة اهتمام المجتمع السعودي، ويجيبون عن أسئلة لا تقدم صورة ناصعة عن واقع بلدنا المشرق، بل تماهت إجاباتهم مع أجندة "الإعلام الغربي المعادي" الذي سيقول وهو يجد من يشوه المجتمع السعودي، نحن لم نقل شيئا عن السعودية هم قالوا!

مع الأسف، أن تلك القنوات لا تستضيف سعوديين وسعوديات لهم بصمات علمية ومعرفية وفكرية ذات تأثير إيجابي، تجاوز حدود السعودية، فهي لا تفتش عن عالمات سعوديات كـ"العالمة المخترعة في الطب" د.حياة سندي صاحبة جهاز المجس، أو الكميائية "سهاد باحجري" بجامعة ويلز، أو "د. غادة المطيري" رئيسة مركز الأبحاث بجامعة كاليفورنيا، أو "د.إلهام أبو الجدايل" مكتشفة لإنتاج جديد للخلايا الجذعية، أو "د.خولة الكريع" في أبحاث الجينات السرطانية، أو العالمة الفيزيائية "د.ريم الطويرقي"  أو "د. فاتن خورشيد "مكتشفة علاج للسرطان، أو "د.مروة بكري" من جامعة جازان العالمة في الأحياء الدقيقة، أو "د. مشاعل بنت محمد آل سعود" العالمة في أبحاث الفضاء، أو "د. هويدا القثامي" استشارية جراحة القلب الأولى في المملكة، أو "د.نوف المغلوث" صاحبة آخر إنجاز للسعودية في علاج الأمراض المعدية، ولن يكون المنجز الأخير، وكلهن تتسابق لأجلهن معامل وقاعات الجامعات العالمية الشهيرة للظفر بأبحاثهنّ، ولم يكن الحجاب عائقا لهنّ، هؤلاء لسن على قائمة تلك القنوات الأجنبية، ولا تبحث عن الدكتور "هشام ناجي" رئيس مركز قلب الأطفال بمستشفى كليفلاند كلينك، أو عن زميله رئيس قسم السرطان "د. الحربي" ولا يهمها استضافة الدكتور صالح القحطاني الباحث في أمراض الكبد في جون هبكنز، ولا الدكتور غنام الدوسري رئيس قسم جراحة القلب في تكساس، وربما لم يسمعوا بالطفل السعودي الوليد بن عبدالرحمن ذي الـ12 ربيعا في جامعة MIT العريقة، والتي تعد أفضل الجامعات في العالم في تكنولوجيا الهندسة، واعتبر اينشتاين القرن الـ21؟ أو بالمواهب الشابة من الجنسين التي حققت نتائج أبهرت العالم في مسابقات علمية في الرياضيات والعلوم، وعلوم الابتكار، وما هذه إلا نماذج "لو أنصف القائمون على جائزة نوبل" لما كانت لتخلو في كل عام من حضور سعودي في قائمة الفائزين بها، لكن تلك القنوات الأجنبية لا تحتفي إلا "بنماذج " لا تتردد عن الإساءة إلى الوطن، وتشويهه والحديث عن "قيادة المرأة للسيارة، وفتح دور سينما، وتدريس الموسيقى في المدارس" باسم المجتمع ولم يوكلهم بذلك، وترديد أسطوانة مشروخة يكررها من يسكنون فنادق المعارضة السياسية في الغرب عن مزاعم "التضييق على الحريات" مع أن نصف كلامهم نقد للمؤسسات الحكومية، والمجتمع إلى حد الابتذال، ولو قالوا نصفه في بلاد الربيع العربي لكانوا خلف الشمس، وهم أول من يرفع  قبعة الإعجاب للغرب لالتزامهم بهويتهم وتقاليدهم، وينكرون على بني جلدتهم التزامهم بهويتهم الإسلامية.

إن بلدنا حضارته لا تختصر في " نفط وأبراج عالية"، ولا تتوقف عند قضايا "هامشية اجتماعية".

بلدنا سجل حافل بمنجزات علمية وفكرية وإنسانية واقتصادية وعمرانية، ومواقف لا تتبدل عربية وإسلامية، ورحم الله غازي القصيبي حين قال "نفط يقول الناس عن بلدي.. ما أنصفوا؛ بلدي هو المجد".