• الفلاسفة، الشعراء، وذوو الفنّ، بأي اتجاهٍ كان، غالباً ما تربطهم علاقة بشيء ما في حياتهم (سلباً أو إيجاباً)، تلازمهم هذه العلاقة طيلة أعمارهم، وكما تكون هذه العلاقات الغريبة مصدراً خفيّاً لإلهامهم إلا إنها أحياناً تقضي عليهم نهاية الأمر. هذه العلاقات ليست بالضرورة عقائد أو أفكاراً كبيرة، بل يصدف أن تجد مفكراً أو فنّاناً مدهشاً تربكه الأرقام، وآخر يخاف من الأماكن المغلقة أو العالية، ورابع يخيفه المشي تحت البنايات، منهم من يتحاشى لوناً أو طريقاً أو مكاناً أو شخصاً دونما سبب واضح. أحد الفلاسفة، وهو الألماني شوبنهاور على الأرجح، لا ينام إلا وتحت وسادته مسدسٌ محشوٌّ بالرصاص، وفيلسوفٌ آخر، نسيت اسمه، لم يذهب للحلاق أبداً، كان يقول "لست أحمقاً حتى أسلم رقبتي للموس بنفسي"، هذا من الجهة السالبة في العلاقة، أما من جهة الإيجاب فهناك من يتمسّك بخاتم أو سلسال أو لبس.. الخ، يحصل من خلاله على شعورٍ داخلي بالراحة والفأل، آينشتاين ظلّ متمسكاً بالطاولة التي كتب عليها نظريته "النسبية" حتى فارق الحياة، وبلزاك ما كان يستطيع الكتابة إلا بأقلام معينة وعلى ورق خاص دون غيره!. وأعتقد شخصيّاً أن هذه العلاقات الغريبة (إيجاباً وسلباً) لدى هذا النوع الخاص من البشر أعمق من تلك الحالة المرضية التي لا يكفّ أطباء النفس عن الثرثرة حولها في كل مجلس.

• بوب مارلي.. قبل أربع سنوات من وفاته على سريرٍ أبيض كانت قد أصيبت إحدى أصابع قدمه بجرح عام 1977، آلمته كثيراً فذهب للطبيب ليخبره بأنه مصاب بالسرطان في تلك الإصبع بالذات ويلزم بترها، السرطان لم يكن قد تجاوزها بعد، لكن الجامايكي ذو العبقرية التي عبرت العالم رفض ذلك. كانت تربطه علاقة غريبة بمعتقدٍ كان اسمه "الرستفارية" يمنع المساس بالجسد.. وبعد أربع سنوات كان السرطان قد ضرب جسد بوب مارلي كاملاً من إصبع قدمه حتى آخر دماغه، وهكذا قضى وهو لم يتجاوز السادسة والثلاثين من عمره!.

http://www.youtube.com/watch?v=CX-wQlTSD9Y

• الجامايكي الأسمر الذي دخل أميركا عام 1966 ليبدأ من عامل نظافة، يشطف أرضية فندق دوبونت وحمّاماته، هو نفسه بوب مارلي الذي اختارته جريدة النيويورك عام ألفين أكثر الفنانين تأثيراً في العالم في النصف الثاني من القرن العشرين، واختارت الـ BBC أغنيته One Love صوتاً للعالم في تلك المناسبة، ومنحته جامايكا أرفع أوسمتها قبل شهر من وفاته تقديراً لدوره في نشر السلام والحرية داخل جامايكا وفي أنحاء الأرض.