أوضح المحلل السياسي الخبير في الشأن العراقي، رعد هاشم، في حوار مع "الوطن"، أن سيناريو تجدد التظاهرات في العراق، خاصة من قبل زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، يكشف جانبا من أزمة خلافية عميقة تشهدها الأحزاب الشيعية، مؤكدا أن العبادي ضعيف إداريا. وقال إن كثيرا من المتابعين يعتبرون الخلافات الداخلية في الأوساط الشيعية، بداية صراع ترجع جذوره إلى استشراء الفساد في البلاد، مضيفا أن تورط اللجان الاقتصادية التابعة للأحزاب ذاتها، وممثليها في الوزارات وعمليات الفساد التي لم يسلم منها أي طرف، تشكل جزءا أساسيا من عمق الخلاف بينهم، بما يزيد من تأزيم الوضع على حساب أمن المواطن ومعيشته واستقراره.

أبرز الصعوبات

ما أبرز العوائق التي تحول دون تحقيق الإصلاح الذي رفع شعاره رئيس الوزراء؟

أبرز معرقلات الإصلاحات الحقيقية في العراق يتجسد في عدم وجود رؤية واضحة للتغيير الوزاري، والبرنامج الحكومي، فضلا عن انعدام تنفيذ أي من بنود ورقة الإصلاح بصورة ملموسة، والقضاء العراقي بات يترنّح تحت وطأة التأثيرات السياسية. وكل هذه المعطيات جعلت رئيس الوزراء، حيدر العبادي، لا يستطيع إدارة الأمور، كما تتطلب منه روح المسؤولية على أسس متوازنة وعادلة، فاتجه إلى تغيير الوزراء، علما بأنه في الأصل لم يطرح برنامجا إصلاحيا واضحا. كما لم يتطرق في وثيقته التي وجهها أخيرا لزعماء الكتل السياسية، إلى برنامج إصلاحي للحكومة، وكل ذلك يكشف حالة ضعف وعدم قدرة على إدارة الأمور.

لقاءات غير مجدية

ألا تعتقد أن هناك جهات تقف دون تحقق تلك الوعود، لاسيما إذا نظرنا إلى جهود العبادي المتواصلة للتفاهم مع الفرقاء؟

اللقاءات والاجتماعات المتكررة بين العبادي وحلفائه غير مجدية، وهي مساع مشلولة لا يهمها الإصلاح الجذري بقدر تبديل الوجوه. والجميع نصح العبادي بمغادرة حزب الدعوة الإسلامية، لكي يصبح رئيس وزراء لعموم العراق، وليس لطائفة معينة، وليؤسس لعملية سياسية بعيدة عن تأثيرات هذا الحزب، وندعوه إلى التعامل مع الشعب بمقتضى مبادئ المواطنة بعيدا عن الحزبية. إلا أن كل ذلك لم يحدث للأسف، ولذلك نتوقع مزيدا من التصعيد والتأزم، مع حملات العبادي الترقيعية والتخديرية ووعوده غير المجدية، بدلا من أن يسعى إلى اتخاذ خطوات ملموسة أكثر جدية على مستوى الشارع، وخاصة ضرب رؤوس الفساد الكبيرة ليستجيب أو يقتنع الشارع ولو جزئيا بنواياه.

ضوء أخضر أميركي

كيف تقيمون الموقف الأميركي من ميليشيات الحشد الشعبي؟

زيارة القنصل الأميركي في البصرة لجرحى الحشد الشعبي، الذي تم تشكيله بناء على ما سمي بـ"فتوى الجهاد الكفائي"، تمثل علامة فارقة في علاقة المد والجزر بين الأميركيين وتلك الميليشيات. ورغم معارضة ورفض نواب يمثلون أهالي الموصل ومجلس المحافظة مشاركة الحشد في تحرير مدينتهم، إلى جانب انتقاد الصدر زيارة القنصل الأميركي، ووصفه إياه بالإرهابي، فإن أطرافا حزبية شيعية، وجدت في الزيارة إقرارا واعترافا صريحين بأهمية دور الحشد الشعبي في معادلة محاربة داعش في العراق.

وللأسف فإن واشنطن تسعى إلى تحسين علاقتها مع هذه المؤسسة بدعوى أنها تابعة لمجلس الوزراء، وتأتمر بأمر القائد العام للقوات المسلحة، رغم أن عشرات الفصائل والأجنحة العسكرية التابعة للأحزاب الموالية لإيران خارجة عن سلطة الدولة، ولا تطيع أوامرها وترتكب يوميا انتهاكات خطيرة نبهّت إليها منظمة العفو الدولية وجهات أخرى حقوقية وإنسانية عالمية.

طلب تسهيلات

وماذا عن موقف الأكراد من تلك الميليشيات؟

زيارة زعيم منظمة بدر، أبرز قادة الحشد، هادي العامري، إلى أربيل ولقائه رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، جاءت لطلب تسهيل مرور الميليشيات بقصد المشاركة في تحرير الموصل. والعبادي نفسه، أعلن قبل عدة أيام في جلسة لمجلس النواب أن الحشد الشعبي سيشارك في معركة تحرير الموصل المرتقبة، مؤكدا أنه لا أحد يستطيع منعهم.