يكمل: ويومها كان الإرهاب زحفاً مخيفاً وكان المجتمع آنذاك غائباً عن الوعي بالحقائق، ومنقسماً على نفسه تعاطفاً أو حياداً مع الظاهرة. يواصل: لم أستمع في حياتي لجملة من قبل تستحق أن تكون لي جملة حياة مثلما كانت جملة خالد الفيصل وهي تخرج كالزلزال: لا تفجروا أجسادكم في الإرهاب والقتل والضلال بل فجروا عقولكم في العلم والإبداع والقاعة والمعمل. فجروا عقولكم من أجل الحياة، من أجل مستقبلكم وأهلكم ....... أمامي، وبعد الجملة الصاخبة، يبدو وجه أبي من جواري مثقلا بكل صورة المأساة. صورة الفقر. صورة الفساد على رقبته. صورتي وأنا أذهب للمجهول وصورة أمي التي أعرف أنها تمضي الليالي الطوال دون أن تنام إلا بعقاقير مهدئة. يومها أدركت أن في الكلمة حياة. صارحت أبي بكل شيء. أفصحت له عن كل شيء. ذكرت له كل شيء ونحن عائدون في ذات الطريق: حسناً لقد استدركت الأمر في منتصف طريق.

هنا ابتدأت رحلة أخرى من الجهاد. كافحت وعملت ومن اليوم التالي كنت في قلب السوق وكان رأسمالي هو عرقي وصدقي مع الله والضمير والنفس. وجدت أمامي عشرات الفرص المفتوحة على كل الشوارع فلم أترك نصف فرصة وهم الذين كانوا يقولون إن الحياة بلا فرص أو تفاؤل. بنيت ثروة كبرى من جهاد الحلال المباح. أكملت حتى اللحظة بناء مسجدين. زوجت شقيقتين وأنجبت طفلين وشيدت لوالديّ أكبر قصر في تاريخ القرية. كفلت أيتاماً وشكرت الله أنني أتعهد أسراً كاملة نهاية كل شهر. يكمل: كل ذلك الزلزال في حياتي بفضل زلزال كلمة في جملة واحدة: هي (فجروا) ولكن أين يكون التفجير؟ ينتهي: مازالت الكلمة – بروازاً – بالحرف في صالون منزلي اقتطعتها من الصحيفة، وكلما شاهدت سلمان العودة في برنامج – الحياة الكلمة – نهضت له بالتصحيح: بل الكلمة حياة. يواصل: هي جملة واحدة، ولكن ربما كانت طريقة الإلقاء هي الوسيلة. جملة واحدة كانت هي نقطة التحول. اكتشفت بها كيف تكون الحياة خلافة للبناء وللإعمار. اكتشفت بها كيف يكون – السوق – مليئاً بعشرات الفرص وكيف يكون الرزق الحلال سعادة لنفس وأسرة ولمن استطعت أن أصل إليه من شرائح المجتمع. يختتم: كل حزني على العشرات الذين مازالوا في متاهة الطريق أو أخذتهم تلك الفترة المؤلمة إلى نهاياتها المظلمة. اكتشفت كم هي لذة الحياة أن تكون واضحاً تحت ظل الشمس مثلما هي كل سعادة الدنيا التي ترقص أمامي كلما أشاهد أهلي وقد أصبحوا أثرياء وسعداء بفضل جملة واحدة سمعتها في صدفة حياة نادرة.