أظهرت دراسة حديثة لمركز "بيو" الدولي للأبحاث أن عدد النساء المتدينات في 84 دولة يفوق عدد الرجال في معظم الأديان والطوائف.

ووفقاً لمقاييس الالتزام الديني التي ركزت عليها الدراسة خلال الأعوام من 2008 إلى 2015، فإن المسيحيات أكثر تدينا من المسيحيين، في حين يبدو المسلمون من رجال ونساء متشابهين في جميع مقاييس الالتزام الديني باستثناء تكرار التردد إلى دور العبادة.




 


 


يهيمن الرجال على قائمة القادة الدينيين عبر التاريخ، فجميع الأنبياء من الذكور، ومعظم الطوائف الدينية لا تسمح سوى للرجال بأن يتولوا مناصب دينية. ومع ذلك، تظهر دراسة أجراها مركز "بيو" للأبحاث أن عدد النساء الملتزمات بالدين يفوق عدد الرجال في معظم الأديان والطوائف في العالم. حيث تظهر الدراسة أن النساء أكثر تديناً من الرجال، خاصة بين المسيحيين.

وكان موضوع اختلاف الالتزام الديني بين الرجل والمرأة، وأسباب ذلك الاختلاف، مثار نقاش واسع بين كثير من المفكرين على مدار العقود القليلة الماضية، كما أنه لا يزال محط اهتمام كثير من الأبحاث الأكاديمية.

وقد جمع مركز "بيو" للأبحاث كمية كبيرة من البيانات حول علاقة اختلاف الجنس مع الدين من عدة جماعات دينية مختلفة (المسيحيون، المسلمون، البوذيون، الهندوس، اليهود، والأشخاص الذين لا ينتمون لديانة محددة) من عشرات الدول.

البيانات التي تم جمعها كان مصدرها من عمليات الإحصاء السكاني وبعض عمليات المسح واستطلاعات الرأي في بعض البلدان، إضافة إلى البيانات التي حصل عليها مركز "بيو" الدولي حول الانتماءات والممارسات الدينية لشعوب 84 دولة من استطلاعات رأي أجراها بين 2008 و2015، بالاستناد إلى مجموعات البيانات الشاملة هذه، وجدت هذه الدراسة أن النساء، على مستوى العالم، أكثر تديناً من الرجال وفقاً لعدة معايير لقياس الالتزام الديني.

لكن الدراسة تكشف أيضا علاقة أكثر تعقيدا بين الدين واختلاف الجنس مما كان يعتقد سابقا. مع أن النساء عموما أكثر تدينا، فإن الرجال يظهرون مستويات أعلى من الالتزام الديني في بعض الدول والجماعات الدينية.

وفقاً لجميع مقاييس الالتزام الديني التي ركزت عليها هذه الدراسة، فإن النساء المسيحيات أكثر تديناً من الرجال المسيحيين. وفي المقابل، فإن الرجال والنساء المسلمين يبدون مستويات متشابهة من التدين وفق جميع مقاييس الالتزام الديني باستثناء تكرار التردد على دور العبادة، حيث إن القواعد الدينية الإسلامية تفرض على الرجال حضور الصلوات في المسجد لكنها لا تفرض ذلك على النساء.


أهم النتائج


-1 بين المسيحيين تتردد النساء إلى أماكن العبادة أكثر من الرجال، أما بين المسلمين واليهود الأرثوذكس فإن الرجال يترددون أكثر من النساء. في كثير من الدول تذهب النساء المسيحيات إلى الكنيسة أسبوعيا أكثر من الرجال. أما عند المسلمين واليهود الأرثوذكس فإن الرجال يترددون بانتظام على المسجد والكنيسة أكثر من النساء، وذلك بسبب القواعد الدينية المختلفة لدى هذه الديانات في هذا المجال. ولكن على مستوى العالم فقد أظهرت الدراسة في 81 بلداً أن النساء يترددن أكثر على دور العبادة في 30 دولة ذات الأغلبية المسيحية. أما في 28 دولة حيث أغلبية السكان من المسلمين، فإن الرجال يترددون أكثر على دور العبادة.

-2 بشكل عام، تصلي النساء أكثر من الرجال بشكل يومي. سأل مركز "بيو" شرائح من سكان 84 دولة عن مدى التزامهم الثابت بالصلاة، وتبين أن النساء يصلين يومياً في 43 دولة. في جميع الدول الـ84، كان معدل النساء اللاتي قلن إنهن يصلين بشكل يومي أعلى بحوالي 8 % من نسبة الرجال الذين يصلون يوميا.

-3 الدين مهم بنفس القدر لدى الجنسين أو أنه أكثر أهمية لدى النساء من الرجال. بينت الدراسة أن الدين "مهم جدا" بشكل متساو عند الرجال والنساء في 46 من أصل 84 دولة. ولكن في 36 دولة أخرى كان الدين أكثر أهمية لدى النساء منه عند الرجال. أما في إسرائيل وموزمبيق فقط فكانت نسبة الرجال الذين قالوا إن الدين مهم جدا أكثر من نسبة النساء اللاتي قلن ذلك.

-4 الفجوة بين الجنسين عند المسيحيين مختلفة عنها عند المسلمين. وفقاً لجميع معايير الالتزام الديني، كان الرجال والنساء المسلمون أقرب في مستويات تدينهم من الرجال والنساء المسيحيين. على سبيل المثال بينت الدراسة في 40 دولة أن النساء المسلمات يصلين يوميا أكثر من الرجال بفارق 2 %. نفس النسبة تقريبا ظهرت بخصوص أهمية الدين في الحياة. وفي المقابل، فإن الفجوة بين الجنسين أكبر عند المسيحيين. ففي 54 دولة كانت نسبة النساء المسيحيات اللاتي يصلين يوميا أكبر بـ10 % من نسبة الرجال.


تفسير الفجوة

قدم العلماء نظريات مختلفة لتفسير فجوة التدين بين الجنسين تغطي جوانب مختلفة: البيولوجيا، علم النفس، الجينات، البيئة العائلية، المرتبة الاجتماعية، نسبة المشاركة في القوى العاملة، وانعدام الإحساس بالأمان الذي يصيب النساء أكثر من الرجال بسبب الفقر والمرض والتقدم في السن والعنف. لكن هناك شبه إجماع بين الأكاديميين بأن الفجوة تعود إلى عدة عوامل في نفس الوقت، ولكن ليس هناك إجماع حول أي عوامل بالتحديد تلعب الدور الأبرز.