خلال الأسبوع المنصرم، حدثت ثلاث وقائع أثارت المجتمع بالحديث والنقاش. أوُلاها: حادثة ما عرف بفتاة النخيل مول، وثانيها حادثة قتل معلم مجموعة من موظفي إدارة تعليم، وثالثها: واقعة الإعلامي التلفزيوني الشهير. هذه الوقائع أعادت إلى ذهني مقولة كان الإعلام دائما وربما ما زال يرددها، وهي أن لمجتمعنا خصوصية وتميز، وهي مقولة كنت وما زلت أجد صعوبة في فهمها، خصوصا مع مرور الوقت، فأحداث الجرائم والتجاوزات تحدث في كل المجتمعات، وحالة التلاقح والتفاعل والتباين أمر تتصف به كل المجتمعات، فالخصوصية هذه التي يتحدث عنها البعض لم تمنع من وقوع أحداث ووقائع في مجتمع لا يتصف بتلك الخصوصية التي نتحدث عنها، والتي ندعي أنها متجذرة في مجتمعنا. قد يقول البعض، إن الدين هو الخصوصية التي نتحدث عنها، والرد على ذلك القول هو أن الدين الحنيف ليس حكرا على مجتمعنا فقط، فهو دين حنيف ينعم به أقوام كثر في شرق الأرض وغربها، وعليه فالقول إنه تفسير للخصوصية لا معنى له، وينفي كوننا لسنا الوحيدين الذين نطبقه أو نهتدي بهديه، ولو افترضنا جدلا أنه كذلك، فلماذا لم يمنع ذلك وقوع تجاوزات في أصلها لا في شكلها تقع في مجتمعات أخرى؟. في رواية جورج أورويل الشهيرة 1948 يقول، "يسأل أوبراين "كيف يؤكد الإنسان سلطته على إنسان آخر يا ونستون؟" يرد ونستون بعد تفكير: بجعله يقاسي الألم"، وهو وصف أجده ممارسا بشكل كبير في مجتمعنا ذي الخصوصية هذه، فالمدرس يتفنن في إرعاب الطالب بالفشل إن لم يدرس، والمدير يفعل كذلك مع موظفيه، وقس على ذلك كما تشاء، فهل نحن بذلك نختلف عما وصفه أورويل في مجتمع وزارة الحب؟ الفرد الذي يريد أن ينهض من سباته لا بد له أن يبدأ بالاعتراف بأنه ليس مختلفا عن الغير، وأن يتحرر من نرجسيته واعتقاده بالأفضلية فقط، لأنه يعتقد أنه كذلك، فالشواهد الحياتية التي تثبت في حال قراءتها بتجرد أن الفرد ليس مكروها لأنه الأجمل أو لأنه الأغنى، لا بد لها أن تدفع ذلك الفرد إلى أن يعيد النظر في نفسه، ومحاسبتها بشيء من الصراحة والاعتراف، فلوم الآخرين هو حجة من لا حجة له، وإرجاع كل شيء إلى النرجسية أو نظرية المؤامرة هو هروب باتجاه الخلف، فإصلاح الحال لا يكون بترديد ما ثبت أنه غير صحيح، بل بقبول واقع لا يمكن أن تصمد أمامه الشعارات.