استرعى انتباهي خبر طبيب سعودي أنقذ راكبة هولندية على متن إحدى الطائرات المتجهة من الدمام إلى هولندا، وكان في طريقه لقضاء شهر العسل في باريس، ولا عجب أن يتصرف المواطن السعودي بهذه الطريقة، فتلبية نداء الاستغاثة من شيمنا منذ القدم وحث عليها ديننا، لكن ما لفت انتباهي كيف تعاملت الخطوط الهولندية مع الحدث.

حصلت المضيفة منه على معلومات التواصل، وما كاد يصل إلى وجهته وخلال يومين وصله بريد إلكتروني متضمنا خطاب شكر من الخطوط الهولندية، يشيد بجهوده في إنقاذ الراكبة، بالإضافة إلى تذكرة مجانية تعادل تلك التي صرفها خلال رحلته، عملية ممنهجة بدأت من طلب المعلومة من قبل المضيفة، وحصل الشخص المعني على التكريم الذي يستحق خلال أيام.

هذا هو استثمار الحدث الذي نرغب في المشاركة فيه من خلال إعلامنا كقصة نجاح حقيقية تبين للآخر الوجه الفعلي لنا دون تلميع، فهذه هي إنسانية المواطن السعودي مع الآخر، بغض النظر عن ديانته أو انتماءاته الوطنية أو جنسه.

ولا ينكر أحد جهودنا في هذا المجال، فالقنصل السعودي في نيويورك بادر بالتنسيق لاستضافة الطفل المبدع وعائلته وهو أميركي من أصول سودانية، وتسهيل قيامهم بأداء العمرة، وكان قبلها قد حظي هذا الطفل بالتكريم من قبل باراك أوباما، لكني أرى أن نقوم بذلك بطريقة علمية ممنهجة لجميع هذه الإنجازات من خلال سفاراتنا وملحقياتنا والجهات ذات الاختصاص في الداخل، ولعلي أركز على الخارج لأن ذلك من شأنه أيضا تأمين قبول أكبر لأبنائنا الطلاب في الخارج، من خلال المعرفة الحقيقية لسلوكهم السلمي البعيد عن الإرهاب والعمليات المشبوهة، كما أن علينا التواجد بكثافة في الإعلام المجتمعي مثل تويتر الذي بات مصدرا مهما للحصول على المعلومة على كافة المستويات الرسمية وغير الرسمية، وأن ننسق الجهود الإعلامية بين مصادر المعلومة حتى لا يكون هناك اختلاف وإن بدا بسيطا، إلا أنه قد يفقدنا المصداقية، لاسيما في مجال الإحصائيات.

سيكون من الجميل جدا، أن ندعم المبدعين من أبنائنا، ليس فقط بتعريف الآخرين بهم ممن حصلوا على شهادات تميز في مسابقات دولية أو إنجاز بحوث علمية متميزة أو تخصصات من شأنها خدمة الوطن، أو أعمال مشرفة استدعاها الموقف، بل أرى بالإضافة إلى تكريمهم على أعلى المستويات، أن نبادر وفي رأيي المتواضع بالتنسيق مع الجهة المعنية بتأمين أي احتياج يسهم في استمرار هذا الإبداع، مثل مراكز البحوث العلمية المتخصصة والمجهزة بأحدث التقنيات العلمية لاستمرار الإبداع، أو بالترشيح لدورات تنمي هذه المهارات، أو بإكمال الدارسة في مجال الإبداع، وهذا كله سيصب في مصلحة الوطن في نهاية المطاف، وهنا يأتي دور القطاع الخاص للمساهمة برد الجميل للوطن، من خلال برامج المسؤولية الاجتماعية المتضمنة تبني دعم هذه المبادرات حتى لا تموت وتضمحل تلك الموهبة الإبداعية، الوطن بخير، ولكن شيئا من الجهود التنسيقية البسيطة حتما سيحدث الفرق الكبير.