باقر الشماسي


ألف رحمة عليك أيها العبد الصالح الشريف عبدالرحمن الوابلى.

لقد افتقدنا جميعنا خيرة من الرجال الشرفاء الشجعان في وطننا الغالي، لقد افتقدنا أيقونة تكاد لا تضاهى في أمانة المهنة القلمية النظيفة والجريئة في زمان شح علينا مثلها، إنها أيقونة من الأيقونات التي أكرمتنا بها نعمة السماء ونعمة العطاء من الله سبحانه، إن قلمه قد أنار قلوبا وعقولا حتى من به نزر من العقلانية والاعتدال والتأمل للوصول إلى قلب الحقيقة وإلى التآخي والتعايش والتحابب بين أبناء هذا الوطن العزيز بكل أطيافه. إن قلمه هو عصارة لعقله ولقلبه المكلومين والمشحونين بهموم وطنه ومواطنيه، حيث كان يدق ناقوس الخطر بين الفينة والأخرى للتنبيه إلى خطورة الفرقة وزرع الكراهية من طائفية ومناطقية ومذهبية ... إلخ، فهو لا يمل ولا يكل عن دق نواقيس الخطر لآفة تمادي أصحاب الفرقة والتطرف وتمزيق الوطن من داخل نسيجه وشرايينه. إنه زنبقة مضيئة ساكنة في الألباب. إن أدبيات الفقيد الوابلي كانت كلها جهادا تتألق زخماً ووهجاً وطنياً نيراً، قد عانقت أدبياته سماوات النبل والرؤى النابضة بالصوت الأعلى نحو الوحدة الوطنية ونبذ الكراهية، وإن قلمه لم يجّف مداده، ولم تنضب محابره، ولم تبح حنجرته في قول الحق والحقيقة للتاريخ، لقد التقيت به أكثر من مرة في القطيف، وقد قرأت في عينيه غضباً وألماً ممضاً وخشية من فرقة مواطنيه، وانزلاق مجتمعه نحو الفتنة، إنه قامة وهامة وطنية شامخة، إنه لم يقل شعرا ولا فلسفة ولا تنظيرا ولا تملقاً، بل كان يتماهى مع من سطروا حروفا ورؤى متوهجة عمقا وطنيا وقوميا، ومع الذين تصدوا لدعاة التطرف والفرقة والفتنة والإقصاء، رحمك الله أيها الأخ الصالح والمصلح، وأسكنك واسع رحمته وجناته، وألهم أهلك الصبر والسلوان.