ريم البريك
يجلس منتصباً يتحدث بنبرة واثقة وبصوت مسموع يوحي من حوله بأنه فلتة زمانه فيخطف الأضواء من الجميع، ويتم قبوله للوظيفة فيما يتم رفض البقية، فتنظر إليه بدهشة وغيظ في آن واحد لأنك تعلم بأنه لا يمتلك أي مؤهلات أو موهبة حقيقية يستحق بها تلك الوظيفة، ولكنك لم تكن تعلم بأنه يمتلك التأثير الأقوى "الثقة بالنفس".
بحسب الأخصائيين النفسيين في جامعة بيركلي في كاليفورنيا أن الأشخاص الذين يمتلكون ثقة كبيرة في أنفسهم يتجاوزون قرناءهم في العمل من الذين لديهم موهبة ويعملون بجد، ولكنهم يفتقدون الثقة، لأن المدير عادة ما يخلط بين الثقة ووجود موهبة حقيقية، حيث يصعب على المدير مراقبة عمل الموظفين طيلة الوقت ليكتشف من يمتلك موهبة ومن يفتقدها، فتذهب العلاوات والترقيات غالباً للموظف الذي يفرضُ نفسه، ويلفتُ إليه الأنظار من خلال ثقته الكبيرة في نفسه، أما من يعمل بجدٍ ولكنه لا يجيد التواصل مع من حوله يتعرض على الدوام للتهميشِ والظلمِ في كثير من الأحيان.
يقول البرفوسور كاميرون أنديرسين إن الأشخاص الواثقين من أنفسهم جذابون ويثيرون الاهتمام ومن الممتع مشاهدتهم والاستماع إليهم، لذا قد يكون السبب الرئيسي في نجاح المشاهير حول العالم وشهرتهم الواسعة هو ثقتهم الكبيرة في أنفسهم، لأن الناس يبهرهم الشخص الواثق من نفسه حتى وإن لم يكن هناك ما يبرره. ونجد ذلك صحيحاً فعلى الرغم من الانتقادات اللاذعة التي انهالت على بعض المشاهير في بداياتهم من الصحفيين والنقاد لعدم امتلاكهم أي موهبة يستحقون بها تلك الشهرة، إلا أن ذلك لم يوقفهم وما زالوا تحت الأضواء ويجنون الملايين ويقلدهم الكثير الكثير من البشر حول العالم.
حديثي هنا ينصب على الطبيعة البشرية وكيف أنها تنجذب نحو الشخصيات الواثقة شئنا أم أبينا، والقليل جدا من الناس من لديه القدرة على أن يكون موضوعياً في حكمه على الأشخاص الواثقين دون أن يقع تحت تأثير هالتهم. من المهم أن يعرف أصحاب المواهب الحقيقية والعقول المفكرة أن الموهبة والعمل الشاق وحده لا يكفي للنجاح، فيجب أن ترفع رأسك من على الطاولة وتخرج من مكتبك أو مختبرك وتبني جسور تواصل مع الناس، وتجعل صوتك مسموعاً كي لا يُبخس حقك ويصعد الآخرون على أكتافك، فنحن بحاجة إلى قدوات تمتلك أفكارا مبدعة وموهبة حقيقية كي يجعلوا من العالم مكانا أفضل.