في سورية خرج آلاف المواطنين عقب صلاة الجمعة الماضية من كافة المحافظات للمطالبة بإسقاط النظام مستغلين الهدوء الذي وفرته الهدنة المهددة بالانهيار في أي لحظة حتى قبل أن تنتهي من قراءة هذا المقال.

التظاهرات ما زالت - هي هي - مثلما بدأت، وما إن تحين فرصة ليعبر بها السوريون عن مشاعرهم حتى تجد الساحات ممتلئة بالمطالبين برحيل الأسد الذي حول بلاده إلى بؤرة للجماعات المتطرفة وأغرقها بمستنقع من الدماء الغزيرة، ومع ذلك ما زال مصرا على البقاء مهما كانت التكلفة.

في الجانب الآخر يؤكد وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير في تصريحات إعلامية أن على بشار الأسد الرحيل عاجلا لتسهيل العملية الانتقالية هناك وإنهاء الحرب الممتدة منذ خمس سنوات، في إشارة صريحة وواضحة إلى أن هذه الحرب لن تتوقف إلا مع رحيل رأس النظام هناك.

تصريحات الجبير ليست عبثية أو لمجرد الاستهلاك، فالرجل يعي جيدا ماذا يقول، التظاهرات التي خرجت للمطالبة برحيل بشار تعزز ذلك، رغم آلة القمع التي يستخدمها النظام ضد معارضيه مع أول فرصة للبطش بهم.

التدخل الروسي الغريب، الموقف الأميركي المتذبذب، لن يغيرا حقائق ثابتة خلاصتها أن على الأسد الرحيل إذا ما أراد أن يبقي على نافذة أمل تنقذ بلاده من نار تلظت بسعيرها بسبب الجماعات الإرهابية التي سيكون تأثيرها الداخلي أشد فتكا على المدى البعيد.

غير بعيد فإن مليشيات حزب الله اللبناني حاضرة بقوة في المشهد السوري، بل ومتجذرة في العديد من المؤسسات وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، حيث ثبت ارتكابها أبشع المجازر بحق المواطنين السوريين في العديد من المدن والقرى السنية، تحت راية الجيش والقائد الذي لا يرحم أحدا من معارضيه.

يموت الآلاف في العديد من المدن السورية بسبب الجوع والحصار وقصف الطائرات وعمليات التصفية العرقية التي سرب الكثير منها على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما يراهن المجتمع الدولي على هدنة هشة ومباحثات لن تجدي نفعا طالما أن الخلل في رأس النظام باق.

الغريب والمضحك في آن واحد أنه كلما اشتد الخناق على رأس النظام زاد توسع وتمدد نشاط التنظيمات المتطرفة، يتكرر ذلك كثيرا في العديد من البلدان ومنها سورية، القاعدة وداعش في معادلة طرفها رأس النظام، والتطارد العكسي في نشاطهما يؤصل لحقيقة أو لسؤال واحد فقط مَن المستفيد من كل ما يحدث هناك؟