هل سمعت يوما أن شخصا خرج من حفلة غناء لمحمد عبده أو رابح صقر، ثم قرر أن يفخخ جسده ويفجر في مسجد أو مكان عام؟!

هل تعرف شخصا يعشق الشعر ويحفظ قصائد محمود درويش أو بدر شاكر السياب، على ما فيها من حرارة وثورية، ثم ذهب لقتل أحدهم لأنه كافر، أو مارس أي نوع من أنواع العنف بحق أحد؟!

طبعا، هذا لا يحدث ولن يحدث، لأن الفن والأدب ربيبا الجمال، ومحفزان على الحياة والحب والمصالحة، وإذا كان الإرهاب صناعة الموت، فالفن صناعة الحياة، وهندسة النفس والروح، ولعلي أستشهد هنا بواقعة تشرح القصد.

فبعد نكسة 1967 أوعز الرئيس المصري جمال عبدالناصر إلى الفنان يوسف وهبي أن يجوب المحافظات المصرية، ويقدم للناس مسرحا للتنفيس عنهم بعد حزن وإحباط، وبالفعل ضحك الناس وعادوا إلى الاستمتاع بالحياة ونسوا النكسة.

الفن والأدب سلاحا الشعوب لمواجهة مآسيهم، وبالفن نصل إلى الحب الذي يقول عنه فيكتور فوناري "إن العنف ما هو إلا تعبير عن الحاجة للحب".

ولو بحثنا قليلا في تاريخ وحياة الإرهابيين ومفجري المساجد، سنجد أنهم كانوا يبحثون عن الحب، وحين لم يجدوه في الدنيا، قرروا البحث عنه في الآخرة. وفي غياب الفن والشعر والأدب والفلسفة، تتهاوى مفاهيم الحب وتختفي.

اليوم، نحن كمجتمع سعودي عانى ويعاني من الإرهاب، في أمس الحاجة إلى الفنون بكل أشكالها، فالشعوب سبقتنا إلى ذلك بمبادرات كبيرة، عالجت بها صدماتها التاريخية، فإلى جانب خوفنا من الإرهاب والعنف ودوائر الحروب حولنا، وفي كل يوم تفاجئنا الصحف بأخبار القتل والعنف الأسري، وهذا كله يعيدنا إلى نقطة الصفر، الحاجة إلى الحب، ولا يمكن إيجاد الحب إلا بنشر الفنون والأدب.

أعيدوا المسارح، وافتحوا السينما، وانشروا المبادرات، أعيدوا صناعة الحياة كي لا يجدوا لهم مكانا لصناعة الموت.