كنا نهبط إلى أجزاء من تهائم منطقة (عسير)، أو نصعد إلى بعض سرواتها فنسمع تحية أهلها (سلام علاكم) فنبتسم من باب الطرفة والتندر، ونظنها لهجة دارجة واختلافا صوتيا من باب الإمالة أو الإبدال، ولكن أبا بكر الأنباري العالم اللغوي المتوفى سنة 328 من الهجرة يقول في كتابه (الزاهر) (بعض قبائل العرب تقلب كل ياء ساكنة فتح ما قبلها إلى ألف كقولهم السلام علاكم)، وهذا يؤكد أن أغلب اللغويين لم ينهضوا لدراسة ما يظنون أنه من كلام ولحن العامة المرذول والفاسد والدخيل، وغفلت عنه المعاجم والقواميس رغم صحته وفصاحته، يقول جورجي زيدان (إن عدم ورود لفظ في القاموس لا يدل دائما على أنه عامي أو ضعيف)، والبعض الآخر يعزوها إلى لغة السليقة، أو ما يطلق عليه اللهجة العامية والدارجة، والتي عرفها الدكتور إبراهيم أنيس عضو مجمع اللغة العربية (اللهجة في الاصطلاح العلمي الحديث هي مجموعة من الصفات اللغوية تنتمي إلى بيئة خاصة، ويشترك في هذه الصفات جميع أفراد هذه البيئة، وقد كان القدماء من علماء العربية يعبرون عما نسميه الآن باللهجة بكلمة اللغة حينا وباللحن واللسان حينا آخر)، ولذا سأذكر بعض المفردات الصحيحة والفصيحة على سبيل المثال، التي وردت في المعاجم والقواميس والمراجع اللغوية التي يظن الكثير منا أنها مفردة عامية سقيمة أو مولدة، وبالذات ما التقطته أذني من مخزون بيئتي في عسير يقولون: أرياعك أي أندادك، أنعقف انعوج، أرقه انظر إليه، بلدم سكت، أخدع غبي، تباصروا أعطى كل منهم رأيه، برهت ذهبت صبحا، سام البضاعة سأل عن ثمنها، تصابيع أكلة شعبية، يقوقي يصيح، تحيفة جميلة، لبخه ضربه، الحثا التبن، معط نتف، رصعه دهسه، ملخ خلع، الركيب الزرع، نابه أصابه، صلل موضع الجمر، النتفة القليل، عثري الزرع الذي يعتمد على الأمطار، تقارعوا تغالبوا كما وردت في اللسان، وتقارع فلان وفلان تناظرا وتباريا، الفهر الحجر، الكترة النافذة، تمغط تمطى، اللبة القلادة من الذهب والفضة، الحزة الوقت والحين والساعة، حاشاك يقول الأنباري معناها استثنيته ونزهته، المحوقة المكنسة، الحشمة الأدب والوقار والحياء. يقول محمد بن كناسة في الأغاني: أرسلت نفسي على سجيتها وقلت ما قلت غير محتشم، المذود المكان الذي يوضع فيه زاد الماشية، دلبح حنى ظهره وطأطأه كما وردت في القاموس المحيط، النغصة الغيرة، الدجر اللوبيا، ولعون أعانك الله، المناقرة المراجعة في الكلام، يعتزي يطلب المساعدة قال تعالى :(إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون)، تشطا تنبت قال تعالى: (كزرع أخرج شطأه)، السافي ريح التراب، ثبات أي جماعة بعد جماعة وفرقة بعد فرقة قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا)، وشيت أو وشى أي كبر ونما وزاد.